إذا عرفت هذا، فلنرجع إلى أصل المسألة، ونتکلم فی الأمثلة التی ذکروا لها; فقد ذکر المحقق الثانی لها أمثلة کثیرة یعبر عنها بالمسائل الثلاثة عشر، و لکنه قدس سره صرّح فی کلامه بان: المسائل المتصورة فی هذا الباب کثیرة لا تکاد تنحصر، و الذى سنح لنا ذکره الآن خارجاً عن المسائل الثلاث المشار إلیها، صور; (و مقصوده عن المسائل الثلاث هی ما ورد فی کلمات الأصحاب، و سنشیر إلیها إن شاء الله)، ثم ذکر المسائل الثلاثة عشر، و اختار فی التحریر ثمانیة منها بادغام بعضها فی البعض; فقال:
... أحدها: زوجتک أرضعت بلبنک أخاها، فصار ولدک، و زوجتک اُخت له، فهل تحرم علیک من جهة أنّ اُخت ولدک إما بنتک أو ربیبتک و هما محرمتان علیک، و زوجتک بمنزلتها، أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم، و من قال بالعدم، یقول: لا.
ثانیها: زوجتک أرضعت بلبنک ابن أخیها، فصار ولدک، و هی عمته، و عمة ولدک حرام علیک لأنّها اُختک; فهل تحرم من الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم، و من قال بالعدم، یقول: لا.
ثالثها: زوجتک أرضعت عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها، فصارت اُمّهم، و اُمّ عمِّ و اُمّ عمّةِ زوجتک حرام علیه، حیث إنّها جدتها من الأب، و کذا اُمّ خال أو اُمّ خالة زوجتک حرام علیک، حیث إنّها جدتها من الاُم، فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم; و من قال بالعدم، یقول: لا.
رابعها: زوجتک أرضعت بلبنک ولد عمها أو ولد خالها، فصرت أباً ابن عمها أو أباً ابن خالها، و هی تحرم على أبی ابن عمها و أبی ابن خالها، لکونهما عمها و خالها، فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم; و من قال بالعدم، یقول: لا.
خامسها: إمرأة أرضعت أخاک أو اُختک لأبویک، فصارت أمّا لهما، و هی محرمة فی النسب لأنّها اُمّ لک، فهل تحرم علیک من جهة الرضاع و یبطل نکاح المرضعة إن کانت زوجتک أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول: نعم، و من قال بالعدم، یقول: لا.
سادسها: إمرأة أرضعت ولد بنتک، فصارت أُمّاً له، فهل تحرم علیک لکونها بمنزلة بنتک، و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم; و من قال بالعدم، یقول: لا.
سابعها: إمرأة أرضعت ولد أُختک، فصارت أُمّاً له، فهل تحرم علیک من جهة أن أُمّ ولد الأُخت حرام علیک، لأنّها أُختک، و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم، و من قال بالعدم، یقول: لا.
ثامنها: إمرأة أرضعت عمک أو عمتک أو خالک أو خالتک، فصارت أُمّهم، و أُمّ عمک و عمتک نسباً تحرم علیک، لأنّها جدتک من طرف أبیک، و کذا أُمّ خالک و خالتک، لأنّها جدتک من طرف الأُم، فهل تحرم علیک بسبب الرضاع; و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة، یقول: نعم; و من قال بالعدم، یقول: لا.
أقول: فی الواقع هذه الأمثلة الثمانیة ماخوذة عن الأمثلة الثلاثة عشر التی ذکرها المحقق الثانی(قدس سره) بعد إدغام بعضها فی بعض، و هی على قسمین:
قسم منها ما یکون فیه ارضاع الزوجة لبعض أرحامها، و هو الأربعة الاولى:
ففی الأول، أرضعت أخاها.
و فی الثانى، أرضعت ابن أخیها.
و فی الثالث، أرضعت عمها أو عمتها، و خالها أو خالتها.
و فی الرابع، أرضعت ابن عمها، أو ابن خالها.
و فی القسم الثانی أرضعت بعض أرحام الزوج، و هی أیضاً أربعة:
فی الأول، أرضعت أخاه.
فی الثانی، أرضعت ابن بنته.
فی الثالث، أرضعت ابن اُخته.
و فی الرابع، أرضعت عمّ الزوج أو عمته أو خاله أو خالته.
و هذه ثمان صور.
و فی الأول، تکون المرأة بحکم بنت أو ربیبة الرجل، (لأنّها صارت اُخت ابن الرجل).
و فی الثانی، تکون المرأة بحکم اُخت الرجل، (لأنّها صارت عمة ابنک، و عمة الابن تکون اُختاً).
و فی الثالث، تکون المرأة بحکم جدة الرجل، (لأنّها صارت اُمّ عمها أو اُمّ عمتها).
و فی الرابع، تکون المرأة بحکم بنت أخ الرجل، (لأنّها صارت اُم ابن عمها فتکون الرجل بمنزلة عمها، و لا یجوز للعم أن ینکح ابنة أخیها و هکذا).
و فی الخامس، تکون المرأة اُمّ أخ الزوج، و هی بمنزلة اُمه نفسه.
و فی السادس، تکون المرأة بمنزلة بنته.
و فی السابع، تکون المرأة بمنزلة اُخته.
و فی الثامن، تکون المرأة بمنزلة عمته; و کل ذلک فی النسب حرام.
