یبقى الکلام فی المراد من الافضاء هنا; فقد اختلفت فیه کلمات فقهاء الخاصة و العامة، و صارت المسألة معرکة للآراء و اختلاف الأقوال بین الفریقین متقاربة.(1)
و حاصل الکلام فیه بما یکشف النقاب عن وجه المسألة، أنّ الافضاء فی اللغة مأخوذ
من الفضاء و هو المکان الواسع، و قد یستعمل فی الجماع و اللمس و شبههما (من جهة الاتصال فی المکان الواسع)، ولکن المقصود منه فی المقام لیس مطلق إیجاد الفضاء الواسع فی الفرج بالفعل العنیف، بل الظاهر أنّ لهم اصطلاح خاص فیه، و لکن اختلفوا فی تفسیره بأقوال:
1- اتحاد مسلکى البول و الحیض.
2- اتحاد مسلکى الحیض و الغائط.
3- یکفى کل منهما فی صدق الافضاء.
4- اتحاد مسلکى البول و الغائط (و لکن هذا غیر ممکن بدون اتحاد المسالک الثلاثة).
5- اتحاد المسالک الثلاثة.
و قد ذهب إلى کل منها بعضهم; و توضیح ذلک، أنّ للمرأة مسالک ثلاثة: مسلک البول و هو فی الفوق، و مسلک الحیض و الجماع و هو فی الوسط، و مسلک الغائط و هو فی الأسفل، (و الأولان واقعان فی فضاء الفرج و الآخر مستقل).
و حیث إنّ الحاجز بین مسلکى البول و الحیض رقیق، و بین مسلک الحیض و الغائط غلیظ، استبعد کثیر منهم اتحاد الأخیرین، و اکتفى بالأولین; و لکن صرّح بعضهم بأنّ اتحاد الاخیرین أیضاً ممکن و إن کان نادراً.
هذا، و الانصاف عدم قیام دلیل على شیء من هذه الاُمور، لعدم ذکرها فی اللّغة (إلاّ تبعاً لبعض کلمات الفقهاء) و عدم ورود شىء منها فی الروایات.
فالحق أن یقال إنّ عنوان الافضاء و إن ورد فی روایات عدیدة (منها 1/34 و 3/34 و 4/34)، و لکن لعل المراد منها هو معناه اللغوی، و هو ایجاد الفضاء الواسع فی الفرج بالخرق و یدل علیه التعبیر باقتضها; فی غیر واحد من روایات الباب.
و لکن یفسر الجمیع قوله: قد أفسدها و عطّلها على الأزواج; فی معتبرة حمران (1/34)، و هو الذی ینبغی أن یستند إلیه الفقیه فی المقام، فالمعیار هو فساد المرأة، أی تعطیله على الأزواج.
و إن شئت قلت: الافضاء فی الأصل مأخوذ من الفضاء، و هو المحل الواسع; فالافضاء بمعنى جعل الشیء واسعاً، و قد یأتی بمعنى الملامسة; فانّ الشیء یتسع و یصل إلى غیره، (و هو کنایة عن الجماع المتعارف، کما فی الآیة 21 من النساء).
و لکن قد فسّره غیر واحد من أرباب اللغة، کالقاموس و لسان العرب، بأنّ المراد: إذا جعل مسلکیها مسلکاً واحداً; من غیر الإشارة بأنّ المراد أی المسلکین؟ و قد صرّح بعضهم کالطریحى فی مجمع البحرین، بأنّ المراد مسلک البول و الغائط (انتهى). و لکن قد عرفت أنّ اتحاد هذین المسلکین یوجب اتحاد الجمیع.
و لکن هل هذا من المعانى اللغویة، أو أخذه أرباب اللغة من الفقهاء؟ لاتفاق فقهاء العامة و الخاصة على تفسیره به إجمالا.
وعلى کل حال لایبعد أن یقال ان معناه الأصلی ایجاد الوسعة و الاتساع فی شیء، ثم إنّه لما لم یمکن الاتساع فی مقام البحث، بغیر خرق أحد الجدارین (ما بین مسلکى البول و الحیض، أو الحیض و الغائط)، فسّر بذلک، فهو اصطلاح فقهی مأخوذ من معناه اللغوى; فعلى هذا لا فرق بین جمیع الصور الثلاثة، جعل مسلکى البول و الحیض واحداً، أو مسلکی الحیض و الغائط أو الجمیع واحداً.
هذا، و لکن یمکن أن یکون المدار على فسادها و تعطیلها على الأزواج، فلو فرض اتحاد بعض مسالکها مع بعض و لم تعطّل على الأزواج، أی کانت مستعدة للوطىء، کاستعدادها للولادة، خرجت عن حکم المسألة من وجوب الانفاق علیها ما دامت حیّة و شبهه، و إن صدق علیها أنّها مفضاة فی الجملة; فالحکم دائماً یدور مدار هذا
العنوان بقرینة معتبرة حمران; نعم، إذا حصل فیها نقص و لم تعطل على الأزواج، وجب أرش الجنایة على کل حال.