أنّه لا ولایة للأمّ و لو من قبل الأب، بان کان أمّاً لأب. و یظهر من کلماتهم الإجماع علیه من غیر الإسکافی (ابن الجنید). قال النراقی، فی المستند: لا ولایة فی النکاح لأحد على أحد سوى الأب، و الجد له، و المولى، و الحاکم، و الوصی، إجماعاً لنا محققا و محکیاً مستفیضاً، فی غیر الاُم و الجد لها وفاقاً لغیر الإسکافی فیهما أیضاً.(1)
بل صرح فی الریاض، بأن عدم ولایة الاُم و أبیها هو الأشهر; ثم نقل الإجماع علیه عن التذکرة و بعض فضلاء الأصحاب.(2)
و استدل علیه بما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهم(علیه السلام) قال: لاتستأمر الجاریة إذا کانت بین أبویها; لیس لها مع الأب أمر. و قال: یستأمرها کل أحد ما عدا الأب.(3)
و یمکن المناقشة فیه، أولا بأنّها ناظرة إلى الکبیرة بقرینة الاستیمار. (اللّهم إلاّ أن یقال أنّها قد دل على حکم الصغیرة بطریق اولى. و ثانیا، أنّها من ادلة استقلال الأب فی أمر الکبیرة; و سیأتی أنّ هذا القول مخالف للتحقیق فی المسألة.
2- ما رواه زرارة، قال: سمعت أبا جعفر(علیه السلام) یقول: لاینقض النکاح إلاّ الأب.(4)
و المراد بنقض النکاح لیس هو الطلاق، لعدم کونه بید الأب قطعاً، بل المراد هو المنع عن تحققه، و عدم جواز استقلال الجاریة بعقدها; فالنقض هو نقض مقدمات النکاح عند حصولها کرضى الزوجین و مثله.
3- قد ورد عین هذا المضمون، عن محمد بن مسلم، عنه(علیه السلام).(5)
إلى غیر ذلک مما فی هذا المعنى.
و لا یدل على ولایة الاُم ـ مع أنّ الأصل عدم ولایة کل أحد على غیره ـ إلاّ ما روى عن النبی(صلى الله علیه وآله) فی روایة عامیّة; عن النبى(صلى الله علیه وآله)، أنّه أمر نعیم بن نجاح أن یستامر أم ابنته فی أمرها. وقال: و آمروهن فی بناتهن.(6)
بناء على أنّ المراد من ابنته، ربیبته; و إلاّ فمع وجود الأب و أعمال الولایة لا تصل النوبة إلى الأم. و على کل حال، هی روایة ضعیفة ذاتاً، مضافاً إلى أنّها مهجورة بعمل الأصحاب على خلافها.
و قد یستدل علیه أیضاً بما رواه محمد بن مسلم، عن أبی جعفر(علیه السلام)، أنّه سأله عن رجل زوّجته اُمّه و هو غائب. قال: النکاح جایز، إن شاء المتزوج قبل، و إن شاء ترک. فان ترک المتزوج تزویجه، فالمهر لازم لاُمّه.(7) فان لزوم المهر دلیل على ثبوت النکاح. و فیه، أنّه فی الرجل الکبیر و لا شک فی عدم ولایة أحد علیه، إنّما الکلام فی الصغیر و المجنون. و أما لزوم المهر على الأم أمّا یحمل على دعواها الوکالة، أو على ضرب من الاستحباب، و الأحسن الأخیر; مضافاً إلى أنّ صدرها على خلاف المطلوب، أعنی عدم نفوذ ولایة الاُم، أدلّ.