هل یکون استحباب النکاح مشروطاً؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-1
کلام الشهید الاوّل فی اقسام النکاحالنکاح فى اللغة

و هو أنّ غیر واحد من الأکابر قیّدوا استحباب النکاح بمن تاقت نفسه (أی، اشتاقت إلیه. و التوق، و التّوقان، بمعنى الاشتیاق و الاسراع فی الشیء و فیضان الدمع، و المراد به هنا، الأول.) و لازمه عدم استحبابه لمن لم یشتق; مع أنک قد عرفت أن حکمة هذا الحکم بحسب نصوص الباب، لیس مجرد حفظ العفة و التقوى، بل بقاء النسل و اکثار نفوس الاُمّة المسلمة من أظهر حکمه، و هذا لا یتوقف على توقان النفس، و لذا ذهب المشهور إلى استحبابه مطلقا; فالفتوى بعدم استحبابه بمجرد عدم التوقان، بعید.

و أبعد من ذلک، القول باستحباب الترک لمن لا یشتهیه. قال شیخ الطائفة فی المبسوط: الناس ضربان، مشته للجماع و قادر على النکاح، و ضرب لا یشتهیه، فالمشتهى یستحب له أن یتزوج و الذی لا یشتهیه، المستحب أن لا یتزوج، لقوله تعالى (فی مقام مدح یحیى): (...وَ سَیِّداً وَ حَصُورَاً وَ نَبِیّاً مِّنَ الصَّالِحِینَ).(1) فمدحه على کونه حصوراً و هو الذی لا یشتهى النساء.(2)

و الظاهر، أنّ هذه الآیة هی العمدة فی فتوى جماعة من الأصحاب بتقیید الاستحباب بتوقان النفس، و إن استدل له بدلیلین آخرین تأتی الإشارة إلیهما.

و یمکن الجواب عنها، بأنّ ظاهر الآیة بل صریحها و إن کانت فی مقام المدح لذکر عنوان السیّد قبله، و کونه نبیّاً من الصالحین بعده، و لکن یرد على الاستدلال بها;

أولاً: بأنّ المراد من الحصور و إن کان هو التارک لإتیان النساء - کما ذکره کثیر من أرباب اللغة و علماء التفسیر - و لکن یمکن أن یکون ذلک لخصوصیة فی حیاة

یحیى(علیه السلام)، لأنّه کان کالمسیح(علیه السلام) کان یتردد دائما من مکان إلى مکان لتبلیغ دین الله و أداء رسالته إلى خلقه، فهذا فی الواقع من قبیل ما طرء علیه عنوان الکراهة أو الحرمة لبعض العوارض، فلا ینافی الاستحباب الذاتی.

و ثانیاً: إن کون کلمة الحصور دائما بمعنى من لا یأتی النساء، غیر ثابت; بل ذکر لها معان اُخرى منها، ما ذکره الشیخ فی التبیان(3) ذیل الآیة الشریفة، الذی یمتنع أن یخرج مع ندمائه شیئاً للنفقة، و یقال للذی یکتم سرّه، الحصور. و قال فی المجمع(4) بعد تفسیرها بالذی لا یأتی النساء، و معناه أنّه یحصر نفسه عن الشهوات، أی یمنعها. و قیل: الحصور، الذی لایدخل فی اللعب و الأباطیل، و قیل: هو العنین، و هذا لا یجوز على الأنبیاء لأنّه عیب.

فقد ظهر مما ذکرنا أنّ لها لا أقل من ستّ معان (العنین - الذی لا یأتی النساء - الذى یمتنع أن یخرج مع ندمائه شیئاً للنفقة - الذی یحصر نفسه عن الشهوات - الذی یکتم سرّه - الذی لا یدخل فی اللعب و الأباطیل). و المعانی الثلاثة الاولى، لا تناسب مقام النبوة و المدح، بناء على کون النکاح أمراً مطلوباً، و لکن المعانی الثلاثة الأخیرة تناسبها.

هذا; و المعروف فی معناها، هو من لا یأتی النساء.

و ثالثاً: أنّ المدح لعله على المنکشف لا الکاشف، أی سلطته على نفسه و منعها عن طغیان شهواتها.

و رابعاً: ثبوت ذلک فی شرعهم، لیس دلیلاً على ثوبته فی شرعنا، بعد قیام الأدلة الکثیرة على استحباب النکاح مطلقا فی هذه الشریعة الغرّاء.

إن قلت: نتمسک باستصحاب الشرایع السابقة.

قلنا: الاستصحاب انما هو فی فرض الشک، و نحن لا نشک فی استحبابه فی شرعنا، أضف إلى ذلک أنّ استصحاب الشرایع السابقة باطل عندنا، لما ذکرنا فی المباحث الاُصولیة من أنّ، الشریعة إذا نسخت نسخت بجمیع أحکامه; و لذا کان أصحاب النبی(صلى الله علیه وآله) ینتظرون نزول الأحکام فی أبواب الزکاة و الصیام و الجهاد و حرمة الشراب و غیرها و إن کانت هذه الاُمور فی الشرایع السابقة.

اللّهم إلاّ أنِ یقال مطلوبیة النکاح أمر عقلی فهو من المستقلات العقلیة التی لا یمکن القول بخلافه حتی فی الشرایع السابقة فالعمدة فی الجواب، هی الأولان.

و الأمر سهل بعد ابهام الآیة و غموضها، مع ظهور آیة الأمر بالانکاح، و الروایات الکثیرة الواردة فی المقام على استحبابها مطلقا، بل لم نجد روایة تدل على التقیید بالاشتیاق.

و استدل للقول بهذا القید، أیضاً بقوله تعالى فی مقام الذم، (زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْبَنِینَ وَ الْقَنَاطِیرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الفِضَّةِ وَ الخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الأَنْعَامِ وَ الْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الحَیَوةِ الدُّنْیَا وَ اللهُ عِنْدَه حُسْنُ المَآبِ).(5) و الذم دلیل على عدم الاستحباب.

و فیه، إنّ المذَّمة على حبّ الشهوات، لا مجرد حب المال و البنین و النساء، بقرینة حب البنین. فّإنه لا شک فی استحباب حب البنین إذا کان الحب معتدلاً لا یدخل صاحبه فی المعاصی. و کذلک المال، و هکذا النساء. کیف، و قد منّ الله على عباده بهذه النعم فقال: (وَ مِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِّنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْوَاجَاً لِّتَسْکُنُوا إِلَیْهَا...).(6) و قال عزّ من قائل: (وَ لَکُمْ فِیْهَا جَمَالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَ حِینَ تَسْرَحُونَ).(7) إلى غیر ذلک مما یدلّ على تفضله على خلقه بخلق الأنعام لهم، و هکذا بالنسبة إلى الأموال.

کما استدل أیضاً بأنّ النکاح غالباً مستلزم لتحمّل مسؤولیات کثیرة للزوجة و الأولاد، و الحرمان عن کثیر من العبادات و تحصیل العلوم، فالاولى لمن لا یرغب فیه، إن یترکه، للفرار من هذه الاُمور.

و فیه، أن تحمل هذه المسؤولیات - کسائر المسؤولیات الاجتماعیّة، عبادة و مطلوبة

للشارع المقدّس. فقد ورد فی الحدیث المعتبر عن الصادق(علیه السلام): الکادّ على عیاله کالمجاهد فی سبیل الله.(8)

بل فی حدیث آخر عن أبی الحسن الرض(علیه السلام): الذی یطلب من فضل الله ما یکف به عیاله، أعظم أجراً من المجاهد فی سبیل الله عزّوجلّ.(9)

فالحق، استحباب النکاح مطلقا بحسب العنوان الاولى. و الله العالم.


1. آل عمران/39.
2. الشیخ الطوسی، فی المبسوط 4/160.
3.الشیخ الطوسی، فی التبیان 2/452.
4. الشیخ الطبرسی، فی مجمع البیان 2/287.
5. آل عمران/14.
6. الروم/21.
7. النحل/6.
8.الوسائل 12/43، الحدیث 1، الباب 23 من أبواب مقدمات التجارة.
9. الوسائل 12/43، الحدیث 2، الباب 23 من أبواب مقدمات التجارة.

 

کلام الشهید الاوّل فی اقسام النکاحالنکاح فى اللغة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma