أقول: هذه المسألة بمنزلة الصغرى لما فی المسألة السابقة. بیّن فیها الصفات المطلوبة للنساء، و حاصل ما یستفاد من روایات الباب و مما تراه فی الخارج، أنّ الإنسان قَد یتزوج المرأة لمالها فقط، و اُخرى لجمالها فقط، و ثالثة لکمالها; فقد ذم الأولتان و مدح الثالث.
و إن شئت قلت; النکاح على أقسام، بعضها شهوى، و اُخرى تجارى، و ثالثة مقامى، و رابعة سیاسى، و خامسة قومى عصبى، و سادسة، إنسانی، و سابعة إلهی، و کل منها له أصحاب و خیرها أخیرها.
و قد یتزوج امرأة، لها أو لابیها مال، یرجو مماته لیکتسب ماله من طریق زوجته، و هذا دلیل على دنائة الهمة و عدم الاعتماد بالله و بنفسه. و قد یکون یتزوجها لجمالها فقط و لا یتفکر فی صفاتها الاُخرى من الدیانة و العفة و الوفاء و کرامة الأبوین، و الحال أنّ الجمال یزول بعد ذهاب شبابها بسرعة فتبقى هی و سایر صفاتها، بل قد یکون الجمال مع عدم العفة و الدیانة و التقوى سبباً لمشاکل عظیمة ینغص العیش و یوجع القلب مما لا یخفى على الخبیر. و قد یکون مال المرأة سبباً لطغیانها و عدم سلمها، کما یظهر بالتجارب. و قد یرید اکتساب الجاه و المقام الدنیوى من اُسرة زوجته و هذا أیضاً دلیل على عدم الاعتماد بربّه و بنفسه، و کونه کلاًّ على غیره.
و هکذا بالنسبة إلى النکاح السیاسى و غیره، و هناک سیاسات محمودة فقد یقع الخلاف بین القبائل المختلفة بما یوجب اراقة الدماء و الفساد فی الأرض، ثم تتصالحان، و تتزوج هذه من هذه و بالعکس، فتقوى العلاقة بینهما و تتسالمان.
و المراد من النکاح الإنسانی ما یکون بسبب ما فی الزوجة من صفات الفضیلة، من العلم و الفهم و العقل و الدرایة و علو الطبع و الوفاء و الأمانة، و إن کانت ضعیفة فی المعارف الإلهیّة و الدیانة; و هذه و إن کان لها کمالات، و لکن إذا خلت من الدیانة و الإیمان، لا یمکن الاعتماد الکامل علیها. و أحسن أخلاق المرأة عقلها و دینها و إیمانها و تقواها.