أمّا الصورة الخامسة، اللبن الحاصل من وطىء جائز شرعاً، و لکن مع الحمل و قبل الولادة، إذا علمنا أنّ اللبن مستند إلیه.
صرّح الماتن(قدس سره)باعتبار الولادة فی نشر الحرمة، و تبع فی ذلک العلاّمة فی تحریر، خلافاً لما اختاره فی قواعده.
قال شیخنا الأنصاری (قدس سره)، فی کتاب النکاح: و هل یعتبر انفصال الولد أو یکفى الحمل، وجهان بل قولان: اختار العلاّمة أولهما فی التحریر، و ثانیهما فی القواعد، و هو الأظهر. انتهى.(1) و حکی هذا القول عن الشیخ فی المبسوط، و عن ثانی الشهیدین فی المسالک و الروضة، کما حکی القول الأول عن صاحب الحدائق.
إستدل للثانی - أعنی نشر الحرمة بلبن الحمل - أوّلا بالاطلاقات، و ثانیاً بما ورد فی نشر الحرمة بلبن الفحل، فانّه یصدق علیه أنّه لبن الفحل. و قد مرّ من قول الصادق(علیه السلام) فی صحیحة برید العجلی، کل إمرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة...; إلى غیر ذلک ممّا ورد فی الباب 6 من أبواب الرضاع. فراجع.
هذا، و لکن یعارضها ما دل على عدم کفایة الدرّ من غیر ولادة، الذی ورد فی الباب 9 من أبواب الرضاع، و قد مرّ ذکرها آنفاً.
فان قوله: درّ من غیر ولادة; لا یختص بمن درّ لبنها من غیر نکاح أو من غیر حمل، بل یشمل کل من درّ لبنها قبل أن یلد منه ولد، و لو کانت حاملا و یؤیده أنّ درّ اللبن بالحمل کثیر و لکن درّه بغیر الحمل و النکاح نادر; و حمل الاطلاق على خصوص الفرد النادر بعید جدّاً.
و إذا وقع التعارض بینهما - و النسبة عموم مطلق - یقید الاطلاقات بهذین الخبرین.
و قد یستدل بما ورد فی روایة عبدالله بن سنان، قال: سالت أباعبدالله(علیه السلام) عن لبن الفحل. قال: هو ما أرضعت امرأتک من لبنک و لبن ولدک، ولد إمرأة اُخرى، فهو حرام.(2)
باعتبار عدم صدق الولد إلاّ بعد الولادة، و لکن قدیقال بصدقه عند الحمل أیضاً; یقال: هذا ولد زید فی بطن زوجته; و قد صرحوا فی أبواب اللعان بأنّه لا یحصل اللعان بانکار الولد حتى تضعه لمدة ستة أشهر فصاعداً.
و لکن لا یبعد أن یکون هذه الاطلاقات مجازیة، لأنّ الحمل لم یولد بعد، ولا أقل أن یکون مثل هذا مؤیداً.