اما الصورة الثالثة، أی الولادة الحاصلة من سبق الماء من غیر دخول، فظاهر بعض الأصحاب عدم کفایته فی نشر الحرمة، لاشتراطهم کون اللبن عن وطىء صحیح شرعى; و لکن الانصاف عدم اعتبار الدخول و کفایة سبق الماء، لإلغاء الخصوصیة عرفاً قطعاً لأنّهم لا یفرقون - بعد سماع أدلة الرضاع - بینهما، لا سیما بعد جریان جمیع أحکام الولد علیه حتى الارث و شبهه.
هذا مضافاً إلى ما ورد فی روایات الدرّ من قوله: إذا درّ لبنها من غیر ولادة;(1) و مفهومها کفایة استناد اللبن إلى الولادة. اللّهم إلاّ أن یقال إن المفهوم فی هذه المقامات، لا اطلاق له کما ذکر فی محلّه، و لذا لا یمکن الأخذ باطلاق هذا المفهوم لنفى وحدة الفحل، أو اعتبار الارضاع فی الحولین أو غیرذلک. و إن شئت قلت هذه الروایة و أمثالها لیست فی مقام البیان إلاّ عن حکم المنطوق لا المفهوم إلاّ إجمالا.
و قد استدل بعض المعاصرین لالحاق سبق الماء بمسألة الدخول، بما ورد فی غیر واحد من الروایات من قضاء علىّ(علیه السلام) فی عهده أو عهد عثمان، فی شیخ کبیر کانت له امرأة باکرة، فاتت بولد، فانکر الشیخ الولد، لعدم الدخول و بقاء البکارة، فسأله علىّ(علیه السلام)فعلم أنّه کان ینزل مائه علیها، فحکم بالحاق الولد بهما.(2)
و لکن الاستدلال بها و أشباهها لما نحن بصدده ضعیف جداً، لأنّه لا شک فی الحاق الولد بهما; أنّما الکلام فی کفایة مجرّد الحاق الولد فی باب الرضاع أو یشترط فیه الدخول.
1. الوسائل 15/114، الحدیث 2، الباب 16 من أبواب احکام الاولاد.
2. الوسائل 14/301، باب 9 من أبواب ما یحرم بالرضاع.
