أقول: المسائل الباقیة فی الرضاع، أکثرها مسائل بسیطة ما عدا مسألتین: المسألة 12، الباحثة عن عدم جواز نکاح أب المرتضع فی أولاد صاحب اللبن. و المسألة 4 من التنبیهات، الباحثة عن عموم المنزلة. و مورد البحث من المسائل البسیطة; فنقول:
إنّ المحرمات بالمصاهرة، (مثل اُم الزوجة، و بنت الزوجة و زوجة الأب و زوجة الابن) إنّما تحرم بسبب ترکیب أمرین نسب و نکاح، و النسب هو الأمومة و البنتیة و الاُبوة و البنوة فی الأمثلة السابقة، و المصاهرة هی الحاصلة بالزوجیة.
هذا، و لکن الرضاع یقوم مقام الجزء الأول لا الثانی; فأُمّ ولده الرضاعی لا تکون بمنزلة زوجته حتى تحرم اُمها; و لکن النسب الأربعة السابقة لو حصلت بالرضاع و کانت الزوجیة حقیقیة، کفى فی الحرمة. و بعبارة اُخرى، الاُم الرضاعی للزوجة الواقعیة، و کذا البنت الرضاعی للزوجة کذلک، و حلیلة الأب الرضاعی، و حلیلة الابن الرضاعى، کلها محرمة.
فالمدعی یقوم على أمرین، یقوم الرضاع مقام النسب فی هذه المقامات، و لا یقوم مقام الزوجیة أبداً.
و الظاهر انّ المسألة إجماعیة; قال فی الجواهر: و بالجملة، الرضاع یوجد العلقة النسبیة و یتبعها التحریم بالنسب أو بالمصاهرة; لا انّه یوجد المصاهرة، ضرورة عدم اقتضاء الدلیل، بل ظاهر الأدلة خلافه، بل یمکن تحصیل الإجماع أو الضرورة على ذلک.(1)
و على کل حال، یدل على قیام الرضاع مقام الجزء الأول، عموم الأدلة الدالة على أنّه یحرم من الرضاع ما یحرم بالنسب; کما فی روایات متعددة.
و یحرم من الرضاع ما یحرم من الولادة; کما فی روایة اُخرى.
و یحرم بالرضاع ما یحرم بالقرابة; کما فی روایة ثالثة.
و أمّا بالنسبة إلى الجزء الثانی، فالدلیل على عدم نشر الحرمة بسببه، هو حصر الدلیل فی خصوص النسب، و لم یرد أیّ دلیل على نشر الحرمة فی المصاهرة من هذا الجهة، و مقتضى الأصل عدمه.
و لنا هنا کلام آخر، و هو أنّه لا معنى لأن یقال: یحرم من الرضاع من یحرم من الزوجیة; لأنّ الزوجیة علقة حاصلة من النکاح، و لا معنى لحصول هذه العلقة بالرضاع; فعدم الحرمة فیها من ناحیة الرضاع، لعدم تصور موضوع و مصداق له.
و إن شئت قلت: المرضعة، لها بعض شئون الاُمّ فیقوم مقامها، و کذا صاحب اللبن یقوم مقام الأب، و منهما تنشر الحرمة إلى الاُصول و الفروع و الحواشی، و لکن لا یتصور قیام واحد منهما مقام الزوج أو الزوجة.
و ما ذکر له من المثال من أنّ المرضعة بمنزلة زوجة أبی المرتضع، باطل; فأنّه لیس من العناوین المحرمة، بل من قبیل اللوازم العقلیة، و سیأتی بطلانها فی أبواب الرضاع.
المسألة 10: قد تبین ان العلاقة الرضاعیة قد تحصل برضاع واحد... و قد تحصل برضاعین... و قد تحصل برضاعات... الخ.