لا إشکال فی أنّ لفظ الاُم بحسب اللغة لاتشمل الجدة و اُم الجدة و ما علت، کما أنّ الأب لایشمل الجد بحسب اللغة; فانّ لکل واحد منهم اسم خاص بهم.
هذا، ولکن ادعى فی الجواهر أنّ استعمال هذه العناوین فی العموم و إن کان مجازاً، ولکن هناک قرائن کثیرة تدل علیه; و هی ببیان منّا اُمور:
1- إجماع المفسرین على أنّ المراد بالایة هو المعنى الأعم الشامل لجمیع ما نقلناه فی المتن.
2- قوله تعالى بعد ذلک:(... وَ أُحِلَّ لَکُم مَا وَرَاءَ ذَلِکُم...) (فی الآیة التالیة). فانّ آیة التحریم لو خرج منها هذه الفروع الکثیرة، لزم تخصیص کثیر فی التحلیل الوارد فی الآیة التالیة، و هذا بعید جدّاً لکونه من التخصص الکثیر المستجهن.
3- المعنى الحقیقى للاُمّ لیس فیه تعدد، فقوله تعالى: «اُمهاتکم»; بصورة الجمع، لابدّ أن یراد به الأعم من الاُم و الجدات السافلات و العالیات. و إذا ثبت إرادة هذا المعنى من الاُمهات، فلابدّ أن یکون غیره من البنات و الخالات و العمات أیضاً بهذا المعنى لاتحاد السیاق.
إن قلت: یمکن أن یکون صیغة الجمع باعتبار تعدد المخاطبین.
قلنا: هذا مخالف للظاهر، لأنّ خطاب الجماعة للعموم و مقتضاه ثبوت الحکم لکل واحد دون المجموع، فاللازم أن یکون الجمع باعتبار تعدد الاُم بمعناه الأعم لکل أحد.
4- إنّ العموم موافق لما ورد فی النصوص المعتبرة المستفیضة الدالة على تحریم نساء النبى على الحسن و الحسین(علیهما السلام) لو لم تکن محرمة على الناس بآیة: ( وَلاتَنْکِحُوا مَا نَکَحَ آبائُکُم ); و حرمة حلائلهم(علیهما السلام) علیه(صلى الله علیه وآله)بقوله: ( وَ حَلاَئِلُ أبْنَائِکُم). فاذا کان المراد من الآباء هو الأعم من الجد، و کذا المراد من الأبناء هو الأعم من الأحفاد، فلتکن الاُمهات و غیرها کذلک.
و هذه الاستدلالات و إن کانت لاثبات کون ابن البنت (أی أبناء فاطمة سلام الله علیها) ابنا حقیقیاً، ولکنها شاهدة على المقصود. راجع ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما.(1) و ما رواه أبو الجارود، عن أبی جعفر(علیه السلام).(2)
هذا محصل کلامه الشریف قدس الله نفسه الزکیة، ببیان منا.(3)
و فی بعض ما ذکره مجال للمناقشة; أمّا إجماع المفسرین، فکونه حجة أول الکلام; و أما کون الجمع باعتبار تعدد المخاطبین مخالفاً لظاهر الکلام، ممنوع جداً; فانّ له نظائر کثیرة جداً فی القرآن الکریم فقد ورد: «السنتکم» بصیغة الجمع فی ثلاثه موارد، و «السنتهم» کذلک فی ستة موارد، مع أنّ لکل إنسان لساناً واحداً، فلیس الجمع إلاّ باعتبار الأشخاص. و کذلک قوله تعالى: ( اقوامکم) فی موردین، و «أفواههم» فی سبعة موارد، مع أنّ لکل إنسان فم واحد; فلیس الجمع إلاّ باعتبار تعدد المخاطبین.
هذا; ولکن القرینة الثالثة قرینة معتبرة; و هکذا الرابعة، لأنّ لزوم التخصیص الکثیر على الآیة على فرض اختصاصها بالأصناف السبعة بلا واسطة، ممّا لامناص منه; و هو تخصیص بعید أو مستجهن. و الروایتان تدلان على أنّ إرادة الأعم من الآیة، کان أمراً مفروغاً عنها; و لذا استدل به الإمام(علیه السلام) فی مقابل المخالفین، فلیس الاستدلال بکلام الإمام(علیه السلام) من باب التعبد بل من باب دعوى الظهور الذی لایقدر المخالف على نفیه.
و الروایة الاولى معتبرة سنداً، و الثانیة ضعیفة بأبی الجارود، و هو زیاد بن المنذر، و قد روى فی ذمّه روایات، و ینسب إلیه بعض الفرق المنحرفة.
و یمکن إقامة قرینة اُخرى هنا، فانّ الارتکاز العرفی عدم الفرق بین ما لا واسطة له و غیره.