أقول: هذه المسألة فی الواقع تکون من قبیل تطبیق قاعدة، یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب.
و حاصلها أنّ العلاقة بین إنسانین قد تکون من ناحیة الرضاع فقط، و قد یکون من ناحیة النسب، و قد تکون من ترکیب النسب و الرضاع; فالابن و البنت النسبی تکون علاقتهما من ناحیة النسب فقط، کما أنّ الرضاعی منهما تکون من ناحیة الرضاع فقط، و لکن الأخ الرضاعی تحصل العلاقة من الأمرین، فانّ أحدهما یکون بالنسب و الاُخرى بالرضاع فیشترکان فی الاخوّة; و قد تکون بترکیب علاقتین نسبیین مع علاقة رضاعیة، کما فی حرمة بنت الرضاعی على جدّها الأعلى.
و بعبارة اُخرى - کما فی التحریر - قد تکون النسبة بین إنسانین بعلاقة واحدة کالابوة والبنوة، و قد تکون بعلاقتین کالجدودة الأدنى و العمومة، و قد تکون بثلاثة کالجدودة الأعلى، إلى غیر ذلک. فإذا کان واحد منها أو أکثر بالرضاع، حرم من باب القاعدة الکلیة المستفاد من النصوص.
و بعبارة ثالثة، کما فی مهذب الأحکام: العلاقة الرضاعیة المحضة قد تحصل برضاع واحد، کالحاصلة بین المرتضع و بین المرضعة و صاحب اللبن; و قد تحصل برضاعین، کالحاصلة بین المرتضع و بین أبوی الفحل و المرضعة الرضاعیین; و قد تحصل برضاعات متعددة، فاذا کان لصاحب اللبن مثلا أب من جهة الرضاع، و کان لذلک الأب الرضاعی أیضاً أب من الرضاع، و کان للأخیر أیضاً أب من الرضاع، و هکذا إلى عشرة آباء، کان الجمیع أجداداً رضاعیین للمرتضع الأخیر، و جمیع المرضعات جدات له; فان کانت اُنثى حرمت على جمیع الأجداد، و إن کان ذکراً حرمت علیه جمیع الجدات.(1)
و الدلیل على حرمة جمیع ذلک، هو قوله(علیه السلام): یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب; فانّ عموم هذه القاعدة المستفادة من النصوص، شاملة لمحل البحث. و اللّه العالم.
المسالة 9: لما کانت المصاهرة - التی هی أحد أسباب تحریم النکاح کما یأتی - علاقة بین أحد الزوجین و بعض أقرباء الآخر، فهى تتوقف على أمرین: مزاوجة و قرابة و الرضاع إنّما یقوم مقام الثانى دون الأول; فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتى تحرم اُمها علیک، لکن الاُم و البنت الرضاعیتین لزوجتک تکونان کالاُم و البنت النسبیین لها، فتحرمان علیک، و کذلک حلیلة الابن الرضاعی کحلیلة الابن النسبی، و حلیلة الأب الرضاعی کحلیلة الأب النسبی، تحرم الاولى على أبیه الرضاعى، و الثانیة على ابنه الرضاعی.