أقول: ذکر الأصحاب للتحریم فی باب النکاح اسباباً ستة:
أولها النسب، ثانیها الرضاع، ثالثها المصاهرة، رابعها استیفاء العدد، خامسها اللعان، سادسها الکفر; و ما نحن فیه هو السبب الثانی. و هذه المسألة على إجمالها من المسائل المبتلى بها و إن کانت فی سابق الأیام أشدّ ابتلاء بالنسبة إلى أعصارنا، لعدم الداعى إلى الارتضاع من الغیر بعد وجود أنواع المواد المغذیة للأطفال; بل کثیر من الاُمهات لا یرضعن أولادهن مع مزید اللبن لهن خوفاً من تغییرات حاصلة فی صدرهن، أو لاشتغالهن فی الاُمور المختلفة الاجتماعیّة أو غیر ذلک; رغماً لما ثبت من الخبراء من أن ترک ارضاعهن لأولادهن یوجب اضراراً کثیرة علیهن و على أولادهن و ربما یکون سبب لأمراض هائلة.
هذا، و لکن مسألة الارضاع صارت محلا للابتلاء من جانب آخر، و هو کثرة التبنّی فی عصرنا، لوجود أطفال لا یعرف آبائهم، أو یعرفوا و لکنهم غیر قادرین على حضانة أولادهم، و الطالبون لحضانتهم طالبون لکونهم من المحارم; و سبب المحرمیّة فی کثیر من الأوقات هو الرضاع من الأقارب; و على کل حال ففی هذه المقدمة فروع متعددة.