أنّ المتعارف فی عصرنا عدم التزام الاُمهات بارضاع أولادهن، بل التزامهم بعدمه إلاّ بمقدار قلیل، مع أنّ العلوم العصریة توکّد على وجوب الارضاع، و أنّ سلامة الطفل کسلامة الاُمّ مرهونه به، و کم من أنواع الأمراض تعرض الصبی أو الامّ لترک ذلک; و الاسلام ایضا توکد على ذلک، فان المستفاد من ظاهر الایة الشریفة مطلوبة ارضاع الاُمّ ولدها إجمالا; و قد عرفت شبهة وجوبه فی أحد و عشرین شهر، لبعض الروایات فی ذلک. فقد ورد فی کثیر من الروایات الماثورة من المعصومین(علیهم السلام)، ترتب ثوات عظیم علیه، و وجود برکات کثیرة فی ارضاع الاُمّ ولدها; و الیک شطر منها:
1- عن أبی خالد الکعبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام)، أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: أیّما إمرأة - ألى أن قال - فاذا ارضعت کان لها بکل مصّة کعدل عتق محرر من ولد اسماعیل; فاذا فرغت من رضاعه، ضرب ملک کریم على جنبها و قال استأنفی العمل! فقد غفر لک.(1)
2- عن طلحة بن زید، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): ما من لبن رضع به الصبی أعظم برکة علیه من لبن اُمّه.(2)
3- و عنه(صلى الله علیه وآله) فی حدیث: فاذا وضعت حملها و اخذت فی رضاعه، فما یمص الولد مصّة من لبن اُمّه إلاّ کان بین یدیها نوراً ساطعاً یوم القیامة یعجب من رآها من الأولین و الآخرین.(3)
4- و عنه(صلى الله علیه وآله): لیس للصبی لبن خیر من لبن اُمّه.(4)
و المستفاد من هذه الروایات مع الإشارة إلى ما وردت فی الکتاب العزیز، أنّ فی الارضاع لا سیّما ارضاع الاُم، مصلحة و برکة للاُمّ و للولد; فلا ینبغی الغفلة عنه.
... الشرط الخامس: الکمیّة، و هی بلوغه حداً معیناً، فلا یکفى مسمى الرضاع و لا رضعة کاملة; و له تحدیدات و تقدیرات ثلاثة:
الأثر
و الزمان
و العدد
و أىّ منها حصل کفى فی نشر الحرمة; و لا یبعد کون الأثر هو الأصل و الباقیان امارتان علیه، لکن لا یترک الاحتیاط لو فرض حصول أحدهما دونه. فأمّا الأثر، فهو أن یرضع بمقدار نبت اللحم و شدّ العظم. و أمّا الزمان، فهو أن یرتضع من المرأة یوماً و لیلة، مع إتّصالهما بأن یکون غذائه فی هذه المدّة منحصراً بلبن المرأة. و أمّا العدد، فهو أن یرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة.