أقول: المشهور - کما فی الجواهر و غیره - کراهة العزل عن الحرّة الدائمة بغیر رضاها، و قیل - و القائل هو الشیخ المفید فی المقنعة، و شیخ الطائفة فی الخلاف، و المبسوط، و جماعة اُخرى کما حکى عنهم - هو محرم; و استدل للحرمة بروایات رواها الفریقان فی کتبهم; فعن طریق الخاصة عدّة روایات رواها فی الوسائل فی الباب 74 من أبواب مقدمات النکاح; منها:
1- ما رواه فی دعائم الإسلام، عن على(علیه السلام) قال: الوأد الخفى أن یجامع الرجل المرأة، فاذا أحسّ الماء نزعه منها فأنزله فیما سواها; فلا تفعلوا ذلک، فقد نهی رسول الله أن یعزل عن الحرّة إلاّ بإذنها...(1)
2- عنه(صلى الله علیه وآله) أنّه وأد الخفى.(2)
فالتعبیر عنه بالوأد، (هو دفن الولد حیّا)، دلیل على الحرمة.
3- ما دل على الجواز فی صور خاصة التی تدل بالمفهوم على حرمة غیره، مثل ما رواه یعقوب الجعفی، قال: سمعت أبالحسن یقول: لا بأس بالعزل فی ستة وجوه: المراة التی تیقنت أنّها لا تلد، و المسنة، المرأة السلیطة، و البذیة، و المراة التی لا ترضع ولدها، و الاُمّة;(3) اللّهم إلاّ أن یقال بانّ مفهومها وجود البأس و هو أعم من الحرمة.
4- ما دل على أنّ فیه الدیة - و الدیة لا تکون إلاّ عن جنایة - و قد رواها فی الوسائل، فی الباب 19 من باب دیات الأعضاء; و فیه: أنّ دیة افراغ الماء خارج الرحم عشرة دنانیر.
و لکن الانصاف أنّها ظاهرة أو صریحة فی افراغ ماء الرجل خارج الرحم بغیر رضاه; فراجع.
فالعمدة هو الأول و الثانی، و اسنادهما ضعیفة.
و لکن هناک روایات کثیرة تدل على الجواز; منها:
صحیحة محمد بن مسلم، قال: سألت أباعبدالله(علیه السلام)عن العزل؟ قال: ذاک إلى الرجل یصرفه حیث شاء.(4)
و مثله الروایة 2 و 3 و 4 و 5 و 6 من ذاک الباب بعینه.
فلو دلت الروایات الواردة فی الطائفة الاولى على الحرمة، فتحمل على الکراهة بقرینة هذه الروایات، فانه طریق الجمع فی جمیع أبواب الفقه.
و تشهد له طائفة ثالثة من الروایات، تدل على الکراهة، مثل ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهم(علیه السلام)أنّه سئل عن العزل، فقال: أمّا الامة، فلابأس; فامّا الحرّة، فانّی أکره ذلک، إلاّ أن یشترط علیها حین یتزوجها.(5) إلى غیر ذلک، فالمسألة ظاهرة.
1. المیرزا النوری، فی مستدرک الوسائل 14/333، الحدیث 16584.
2. البیهقی، فی السنن الکبرى 7/231.
3. الوسائل 14/107، الحدیث 4، الباب 76 من أبواب مقدمات النکاح.
4. الوسائل 14/105، الحدیث 1، الباب 75 من أبواب مقدمات النکاح.
5. الوسائل 14/106، الحدیث 1، الباب 76 من أبواب مقدمات النکاح.
