أقول: اللازم قبل ذکر الأمثلة، أن نبیّن تاریخ هذه المسألة المعروفة بعموم المنزلة التی اختلفت فیها الآراء (و إن کان المشهور عدم اعتباره)، فانّ تاریخ المسألة، بعض المسألة; و منه یلوح أضواء علیها; فنقول (و من الله نستمد التوفیق و الهدایة): أول من نسب إلیه هذا القول هو شیخنا الشهید(قدس سره) کما یظهر من کلمات المحقق الثانی، حیث قال فی رسالته المعروفة: قد اشتهر على السنة الطلبة فی هذا العصر، تحریم المرأة على بعلها بارضاع بعض من سنذکره، و لا نعرف لهم فی ذلک أصلا یرجعون إلیه من کتاب أو سنة أو إجماع أو قول لأحد المعتبرین... ثم قال: وجدناهم (أی طلبة عصره) یزعمون أنّه من فتاوى شیخنا الشهید، و نحن لأجل مباینة هذا الفتوى لاُصول المذهب، استبعدنا کونها مقالة لمثل شیخنا، على غزارة علمه و ثقوب فهمه، لا سیما و لم نجد لهولاء المدعین لذلک أسناداً یتصل بشیخنا فی هذه الفتوى.(1)
و یظهر من هذه العبارة، أنّ الأسناد إلى الشهید غیر ثابت، و أنّ أول من عنون هذه المسألة هو جماعة من الطلاب أو من العلماء المعاصرین للمحقق الثانی، سماهم طلاّباً.
و من هنا یظهر أنّ اشتهار السید المحقق الداماد بهذا الفتوى بعنوان أول من أفتى به، لیس بصحیح; فانّ السید الداماد کان متاخراً عن المحقق الثانی، اسمه محمد باقر الاستر آبادى و سمى بالداماد لأنّ أباه کان صهراً للمحقق الثانی، سمّى ابنه بهذا الاسم أیضاً; و قد ذکروا أنّه توفی سنة 1040 (و قیل 1041، و من الطرائف، أنّه قیل فی مادة تاریخ وفاته، عروس علم دین را مرده داماد;)، و الحال أنّ المحقق الثانی توفی سنة 940 (أو 937) فیکون بین وفاتهما مأة سنة و على کل حال قد الّف المحقق الداماد فی رسالته المعروفة بضوابط الرضاع فی تأیید مسألة عموم المنزلة على خلاف جدّه، و قد طبعت طبعاً حجریاً مع رسائل ثمانیة اُخرى، و سمیت برسائل تسع، أربعة منها فی مسألة الرضاع، و خمسة منها فی مسائل الخراج.
أمّا الرضاعیات الأربعة، فهى:
1- ضوابط الرضاع للمحقق الداماد، (قدس سره).
2- رسالة رضاعیة للمحقق الثانی، الشیخ على الکرکی(قدس سره).
3- رسالة وجیزة للعلامة المجلسی(قدس سره) بالفارسیة.
4- رسالة رضاعیة للشیخ ابراهیم القطیفی معاصر المحقق الثانی(قدس سرهما)، ناقش فیها رسالة المحقق الثانی.
و الرسائل الخراجیة الخمس:
1- قاطعة اللجاج فی حلّ الخراج، للمحقق الثانی.
2- رسالة السراج الوهاج (فی جوابه) للقطیفی.
3و4- رسالتان للمحقق الأردبیلی.
5- رسالة خراجیة اُخرى للشیخ ماجد.
و من جمیع ما ذکرنا ظهر لک أنّ مسالة عموم المنزلة، لم تکن من المسائل المعنونة فی لسان قدماء الاصحاب، بل و لا من کان بعدهم، حتى القرن العاشر و زمن المحقق الثانی، و لیکن هذا على ذکر منک.