للأب و الجد ولایة على المجنون البالغ و المجنونة کذلک المتصل جنونه بالصغر; و الظاهر من کلماتهم أنّ المسألة أیضاً إجماعیة. و قد ادعى فی الجواهر عدم الخلاف فیها. و
حکى عن المسالک أنّه موضع وفاق.(1) و لا ینقل فی شیء فی کلماتهم نص خاص یدل على ذلک.
و غایة ما یستدل علیه أولا، أنّه مقتضى الاستصحاب بالنسبة إلى حال الصغر.
و قد یورد علیه، بان الموضوع قد تبدل; فقد کانت الولایة بسبب الصغر، و المفروض انه قد کبر. والقول بأنّ ذلک من قبیل تبدل الحالات، بعید، لأنّ الصغر کان مقوماً.
مضافاً إلى ما ذکرنا فی محله من عدم حجیة الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة و ما نحن فیه، منها.
و ثانیاً، قد یستدل له أیضاً بقوله تعالى: (وَ ابْتَلُوا الْیَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّکَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوَالَهُمْ...)،(2) فان معناها عدم دفع أموالهم إلیهم عند عدم استیناس الرشد، و من البعید بقاء الولایة على الأموال فقط دون النکاح، مضافاً إلى ما ورد فی حدیث أبی بصیر، عن الصادق(علیه السلام) فی تفسیر قوله تعالى: (... الَّذِى بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکَاحِ...)،(3) ما نصه: هو الأب و الأخ و الرجل یوصی إلیه و الذی یجوز أمره فی مال المرأة... .(4)
فمن یجوز له التصرف فی مال المرأة، یجوز له عقد نکاحها; فتأمل.
و یرد علیه أنّ المخاطب فی الآیة غیر معلوم، والظاهر فی هذه المقامات و نظائرها هو الحاکم الشرعی، کما فی قوله تعالى: (وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُمَا...)(5) و قوله تعالى: (الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِى فَاجْلِدُوا کُلَّ وَاحِد مّنْهُمَا مِأَةَ جَلْدَة...)(6)
و الاولى، الاستدلال له بسیرة العقلاء من أهل الشرع و غیرهم أولا، فان أمر أبنائهم المجانین بأیدی آبائهم، سواء فیه المتصل بالصغر وعدمه، کما هو الظاهر لمن راجعهم. و لکن القدر المتیقن من هذا الدلیل، هو الاّب خاصة. و یمکن الاستدلال له ثانیاً، بإمکان الغاء الخصوصیة عن غیر البالغ، بأن یقال إنّ الملاک فیه عرفاً الصلة العاطفیة بین الولد و أبیه مع قصوره عن استقلال فی أموره، و هذا بعینه موجود فی ناحیة المجنون. اللّهم إلاّ أن یقال هذا استحسان ظنی لا یبلغ حد الیقین بالملاک.
و على کل، یظهر من بعض کلماتهم أنّ الإجماع أنّما هو فی المتصل بالصغر; و أمّا المنفصل فلا إجماع فیه. و لکن الإنصاف أنّه لا ینبغی الفرق بینهما، لاستقرار سیرة العقلاء علیه، و امضاء الشارع له، و لا وجه للتمسک بان الحاکم الشرعی ولیّ من لا ولیّ له، و التفرقة بینهما تعود إلى نوع من الجمود.