أما الصورة الرابعة، و هی وطوء الشبهة، ظاهر الأکثر الحاقه بولد النکاح حتى إدعى عدم وجدان الخلاف فیه; و عن الحلّی التردد فیه; و الصحیح هو الأول بل لا ینبغی التأمل فیه.
و قال المحقق النراقی فی المستند: هل تنشر الحرمة باللبن الحاصل من وطىء الشبهة أم لا؟، المشهور الأوّل... و عن الحلی التردد فیه، و یظهر نوع میل إلیه من المسالک و الکفایة.(1)
و أما الحلّی، فقد صرّح فی أول کلامه بأنّ الحکم خاص لا یشمل ولد الشبهة، و أنّه بحکم النکاح الفاسد; ثم قال: إن قلنا فی وطىء المشبهة بالتحریم کان قویاً، و قال فی آخر کلامه: و لی فی ذلک نظر و تأمل.(2)
و الانصاف، الحاق ولد الشبهة بولد النکاح، لأنّه ولد حلال یجری فیه جمیع أحکام الولد، من النسب والارث والولایة و الحضانة و غیرها; و لا وجه لاستثناء حکم الرضاع عنها، و هذا استقراء قوى; هذا أولا;و ثانیاً، الاطلاقات شاملة له، لأنّ عنوان الولاده; أو ولدک; فی بعض الروایات، عام; و کذلک عموم یحرم من الرضاع، الخ.
اللّهم إلاّ ان یقال ولد الشبهة فرض نادر تنصرف الاطلاقات عنه.
و استدل له ثالثا، بأنّه لا شک فی ثبوت أحکام الرضاع عندنا بین أهل الکتاب، مع أن نکاحهم فاسد عندنا، و أولادهم أولاد شبهة، بمقتضى قوله: لکل قوم نکاح; (یعنی أنّه بمنزلة النکاح لا انّه نکاح).
و فیه أولا: أنّ ظاهر الروایة المعروفة، أنّ نکاحهم طبق مذهبهم و سنتهم صحیحة; لا أنّه بمنزلة الصحیح. و لذا یترتب علیه جمیع آثاره، لا من باب التنزیل کما هو المتبادر منها.
و ثانیاً: أنّ النکاح الصحیح لا یحتاج إلاّ إلى إنشاء من الطرفین، و هذا حاصل منهم أمّا باللفظ أو بالکتابة أو کلیهما; و نحن و إن کنّا نحتاط بألفاظ خاصة و اللغة العربیة إلاّ أنّه لا دلیل قطعی على شیء منها.
و قد یتوهم أنّ روایات لکل قوم نکاح; ناظرة إلى مسالة عدم جواز رمی المجوس و أشباههم بالزنا لبعض ما لا یجوز فی مذهبنا لأنّه عندهم نکاح، لا إلى امضاء أنکحتهم.
و فیه، أنّ الإشکال نشأ عن عدم تدبر جمیع روایات هذا الباب، فراجع روایات الباب 83 من أبواب نکاح العبید و الاماء، (ج 14 وسائل الشیعة)، تجدها عامة و شاملة للجمیع. ففی روایة أبی بصیر، عن أبی عبدالله(علیه السلام)، قال: کل قوم یعرفون النکاح من السفاح، فنکاحهم جائز.(3) و راجع أیضاً أبواب القذف، الباب الأول; و الله العالم.
1. المحقق النراقی، فی مستند الشیعة 16/232.
2. ابن ادریس الحلّی، فی السرائر 2/552.
3. الوسائل 14/588، الحدیث 3، الباب 83 من أبواب نکاح العبید و الإماء.
