فقد یقال بسقوط الضمان فی أبواب الأموال، بالاکراه، و یکون الضمان على المکره، لأنّ السبب هنا أقوى من المباشر.
و لکن الانصاف أنّه فرق بین الاجبار و الاکراه، فان الفعل عند الاجبار لا یستند إلى المباشر، و إنّما یستند إلى السبب، و لکن فی الاکراه یستند إلى المباشر لا إلى السبب، فانّ المکره یفعل الفعل بإرادته و اختیاره لأقلّ الضررین، الفعل و ضرر ایقاع المتوعد علیه به، و أنّ ارتکاب الحرام بعد الاکراه قد یکون جائزاً فی الشرع من باب الامتنان على الاُمة; و الشاهد على ما ذکرنا ما ذکروه فی أبواب القتل، من أنّه لو اُکره إنسان على القتل، فلا یجوز له قتل محقون الدم، و إن أوعده المکره بالقتل، و أنّ قتل فعلیه القصاص; و على المکره الآمر، الحبس الأبد; أمّا لو أجبره بحیث سلب عنه الاختیار، فالقصاص على المجبر.
و یشهد له أیضاً ما ذکروه فی أبواب الصیام: فلو اُکره على الإفطار، فافطر مباشرة فراراً عن الضرر المترتب على ترکه، بطل صومه على الأقوى; نعم، لو وجر فی حلقه من غیر مباشرة منه، لم یبطل.(1)
فقد ذکروا الاکراه من أقسام العمد الموجب للبطلان، و إن کان الاکراه یرفع حرمته.
نعم، الاکراه فی المعاملات یوجب البطلان، لأن الملاک فیه الرضا الباطنی المفقود عند الاکراه.
والحاصل أنّ الکبیرة ضامن عند الاجبار، و لکن یجوز لها الرجوع إلى المکره لقاعدة لا ضرر، کما هو واضح.
المسألة 4: (المعروف بمسألة عموم المنزلة)
قد سبق أنّ العناوین المحرمة من جهة الولادة و النسب، سبعة: الاُمهات و البنات و الأخوات و العمات و الخالات و بنات الأخ و بنات الاُخت; فان حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوین، کان محرماً کالحاصل من الولادة; و قد عرفت فیما سبق کیفیة حصولها بالرضاع مفصلا.
و أمّا لو لم یحصل بسببه أحد تلک العناوین السبعة، و لکن حصل عنوان خاص لو کان حاصلا بالولادة، لکان ملازماً و متحداً مع أحد تلک العناوین السبعة; کما لو أرضعت امرأة، ولد بنتها فصارت اُم ولد بنتها، و اُم ولد البنت ] لیست[ من تلک السبع، ولکن لو کانت اُمومة ولد البنت بالولادة، کانت بنتاً له و البنت من المحرمات السبعة; فهل مثل هذا الرضاع أیضاً محرم فتکون مرضعة ولد البنت کالبنت اُم لا؟ الحق هو الثانی، و قیل بالأول، و هذا هو الذی اشتهر فی الألسنة بعموم المنزلة الذی ذهب إلیه بعض الأجلة، و لنذکر لذلک أمثلة...