قد یدور على بعض الألسن أنّ النکاح نوع من العبادة أو فیه شائبة العبادة; قال صاحب الجواهر (قدس سره): لا ریب فی أنّ الاحتیاط لا ینبغی ترکه خصوصاً فی النکاح
الذی فیه شوب من العبادات المتلقاة من الشارع، و الأصل تحریم الفرج إلى أن یثبت سبب الحل شرعاً.(1)
لا شک فی انّ العبادة هنا لیس بمعنى ما یشترط فی صحته قصد القربة، لأنّه لم یقل أحد باعتبار ذلک، لا من الشیعة و لا من السّنّة، کما أنّ العبادة بالمعنى الأعم أی ما یشترط قصد القربة فی ترتب الثواب علیه، لا تختص بالنکاح، بل یشمل جمیع الواجبات و المستحبات التوصلیّة، فاىّ معنى لهذا التعبیر؟
الظاهر أنّ المراد من هذا التعبیر کونه من التوقیفیات التی تحتاج إلى بیان الشارع فی کلّ مورد و یجرى فیه اصالة الفساد عند الشک.
توضیح ذلک، أنّ هناک عقود کثیرة فی عرف العقلاء مثل البیع و الاجارة و الشرکة و المضاربة و شبهها تعدّ من الاُمور الإمضائیة، قد حکم الشارع بصحتها ما عدا ما خرج بالدلیل، فقال یا أیّها الذین آمنوا أوفوا بالعقود; فإذا شک فی اعتبار شىء فیها، یحکم بالصحة، إلاّ أن یخرج منها بتقیید أو تخصیص; فاصالة الصحة حاکمة فیها.
و إن شئت قلت: إنّ الشارع المقدس أخذ فیها بما عند العرف و العقلاء و امضاها إلاّ فی موارد خاصة، فاضاف على شرائطها و أرکانها أو نقص عنها، و لذا یقال باعتبار سیرة العقلاء مع عدم الردع عنها.
لکن النکاح و الطلاق، لیسا من هذا القبیل و إن کانا موجودین فی عرف العقلاء قبل نزول الشریعة الإسلامیة، و ذلک لأنّ الشارع المقدس أضاف إلیها أشیاء کثیرة و نقص منها کذلک فی الناکح و المنکوح و غیرهما; فکانهما تبدلت ماهیتهما مما کان، فصار کالعبادات من الاُمور التوقیفیة التی لا یمکن الأخذ فیها بعرف العقلاء و سیرتهم بعنوان إنّ عدم الردع فیها کاف فی امضائها، بل لابدّ من ثبوت شرائطها و موانعها من الشرع، و لا یجرى فیهما إلاّ اصالة الفساد، فهما من الاُمور التوقیفیّة التی تحتاج دائما إلى الدلیل. و الله العالم.
المسألة 1: ممّا ینبغى أن یهتم به الإنسان، النظر فی صفات من یرید تزویجها. فعن النبی(صلى الله علیه وآله): اختاروا لنطفکم، فان الخال أحد الضجیعین.(2) و فی خبر آخر: تخیروا لنطفکم، فإن الأبناء تشبه الأخوال.(3) و عن مولانا الصادق(علیه السلام)لبعض أصحابه حین قال هممت أن أتزوج: انظر این تضع نفسک و من تشرکه فی مالک و تطلعه على دینک و سرّک، فإن کنت لابدّ فاعلاً فبکراً تنسب إلى الخیر و حسن الخلق. الخبر.(4)
و عنه(علیه السلام): إنما المرأة قلاّدة فانظر ما تتقلد; و لیس للمرأة خطر لا لصالحتهن و لا لطالحتهن، فاما صالحتهن فلیس خطرها الذهب و الفضّة هی خیر من الذهب و الفضّة، و أمّا طالحتهن فلیس خطرهن التراب، التراب خیر منها.(5)
و کما ینبغى للرجل أن ینظر فیمن یختارها للتزویج، کذلک ینبغى ذلک للمرأة و أولیائها بالنسبة إلى الرجل. فعن مولانا الرّضا عن آبائه علیهم السلام عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)قال: النکاح رق، فاذا انکح احدکم ولیدته فقد ارقها فلینظر أحدکم لمن یرق کریمته.(6)