و من هنا یظهر الدلیل على القول الثانی، و هو الاقتصار على المحاسن، بمقتضى عموم الآیتین و عدم قیام دلیل على خلافه; فالقول الثانی هو الاقوى.
و أمّا القول الثالث، أعنی الاقتصار على الوجه و الکفّین و القدمین فهو باطل قطعاً، لأنّه من قبیل الاجتهاد فی مقابل النص القرآنى کما لا یخفى. و قد یستدل له بما رواه فی الجعفریات باسناده عن علی(علیه السلام)أنّه قال: إنّ رجلاً أتى النبی(صلى الله علیه وآله) فقال: یا رسول الله(صلى الله علیه وآله)أمی استأذن علیها - إلى أن قال - یا رسول الله اُختی تکشف شعرها بین یدی؟ فقال: لا; قال: و لِم؟ قال: اخاف أن ابدت شیئاً من محاسنها و من شعرها أو معصمها أن یواقعها!(1).
و یجاب عنها: أولا: بالإشکال فی سندها; فانّ الکتاب لاسماعیل بن موسى بن جعفر(علیهما السلام) و لم نر فی کتاب الرجال توثیقاً بل و لا مدحاً لاسماعیل، غیر أن ارباب الرجال ذکروا أنّه سکن مصر و ولده بها، له کتب یرویها عن أبیه عن آبائه، و الراوی منه هو ابنه موسى بن اسماعیل و هو أیضاً مجهول الحال لم یوثق فی کتب الرجال و الراوى عنه محمد بن الاشعث و هو أیضاً کذلک، فالاعتماد على الکتاب مشکل.
و ثانیاً: انه مخالف لما ورد صریحاً فی سورة النور من جواز اظهار الزینة الباطنة (و محلها بالملازمة) للمحارم السبعة المذکورة فیها.
و ثالثاً: الظاهر أنها قضیة فی واقعة خاصة، کانت محلاً للریبة; و إلاّ لا تزال الأخوات تکشفن رؤوسهن للإخوة و لایتسبب شیئاً، فالحکم الکلی، مع عدم کونه فی الغالب محلاً للریبة، غیر مأنوس کما هو ظاهر.