أقول: کلامه فی هذه المسالة الناظرة إلى المستحبات فی باب الرضاع و یشتمل على ثلاثة فروع:
أولها، الصفات الحسنة التی ینبغى وجودها فی المرضعة،(1) کالإسلام والعقل و العفة و الجمال; و قد نطقت الأخبار بها، تارة على نحو عام، مثل ما عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)انظروا من یرضع أولادکم فانّ الولد یشبّ علیه;(2) و فی خبر آخر:... فانّ الرضاع یغیر الطباع.(3)
و اُخرى بالتصریح على بعض الصفات الجمیلة، مثل ما عن الباقر(علیه السلام): استرضع لولدک بلبن الحسان و إیّاک و القباح، فانّ اللبن قد یعدی.(4)
و قد ثبت صدق ذلک فی العصر الحاضر فی العلوم - لا سیما علم الغدد - من أنّ أنواع الأطعمة والأشربة تؤثر فی الصفات الخلقیة من ناحیة ما یخرج من الغدد المسمى بـ هورمون; فانّها تبعث الإنسان إلى أخلاق مناسبة لها و حاملة لصفات صاحبها، (من دون ان تکون علة تامة حتى یلزم الجبر).
و فی روایة العیون عنه(صلى الله علیه وآله): لا تسترضعوا الحمقاء و لا العمشاء، فان اللبن یعدی.(5)(العمشاء: المرأة المبتلاة بضعف العین).
وأما استرضاع الکفار، فیظهر من غیر واحد من الروایات جوازها و لکن مع الکراهة، ففی روایة عبدالرحمن بن أبی عبدالله، سألت أباعبدالله(علیه السلام): هل یصلح للرجل أن ترضع له الیهودیة و النصرانیة و المشرکة. قال: لا بأس; و قال: إمنعوهم عن شرب الخمر.(6)
و فی روایة اُخرى، النهی عن استرضاع المشرکة و الزانیة دون الیهودیة و النصرانیة;(7)و فی نفس هذه الروایة المنع عن ذهاب الولد معهم فی بیوتهم.
و أمّا بالنسبة إلى الزانیة، فقد عرفت المنع عنه فی روایة (6/76).
و قد وردت روایات کثیرة فی المنع عن استرضاع الزانیة و لبن ولدالزنا، (راجع الباب 75).(8)
و فی روایة: و کان لا یرى بأساً بولد الزنا إذا جعل مولى الجاریة الذی فجر بالمراة فی حلّ!.(9)
و للجواهر کلام جیّد فی هذا الباب، و أنّه هل هو من باب اجازة الفضولی بعد أنّ تعقبه الأجازة أم لا؟(10)
و إن کان ما ذکره لا یخلو عن بعد، للمنع عن الکشف الحقیقی، لا سیما فی مثل الآثار التکوینیة کما فی المقام; و الله العالم.