و على کل حال، هذه المسألة من المسائل المهمّة التی هی معرکة الأراء، و لایزال یسأل عنها، لابتلاء الناس بها دائماً. قال فی الحدائق: قد عدّها الأصحاب من اُمهات المسائل و معضلات المشاکل و قد صنف فیها الرسائل و کثر السؤال عنها و السائل، و أطنب جملة من الأصحاب فیها الاستدلال لهذه الأقول.
و المشهور بینهم من هذه الأقول، هو الثلاثة الاولى: استقلال الأولیاء، و استقلالهن، و التشریک بینهم و بینها.
و الأول، و هو استقلالها محکى عن مشهور المتأخرین، و حکی عن الشیخ، فی التبیان; و المرتضى; و المفید، فی أحکام النساء; و ابن الجنید، و سلار، و ابن أدریس، و هو مذهب المحقق، و العلاّمة.(1) فکأنه المشهور بین القدماء و المتأخرین.
و الثانی، و هو عدم استقلالها و عدم تشریکها عن الشیخ، فی أکثر کتبه. و الصدوق، و ابن أبی عقیل، و المحدث الکاشانی، و اختاره نفسه.(2) و فی المستند حکایته عن جماعة اُخرى.(3)
و الثالث، و هو التشریک، محکی عن أبی الصلاح الحلبی، و الشیخ المفید فی المقنعة، و اختاره صاحب الوسائل.
0و أمّا الرابع، أعنی استقلال الأولیاء فی الدائم دون المنقطع، منقول عن الشیخ فی کتابی الأخبار.(4)
و أمّا الخامس، أعنی عکسه و هو الولایة فی المنقطع دون الدائم، حکاه المحقق فی الشرایع، و لم یسم قائله.
و قد عرفت نسبة القول السادس ـ و هو أنّ التشریک مختص بالأب ـ إلى المفید.
و أما أقوال العامة، فهی أیضاً مختلفة جداً، کما یظهر من الخلاف، و الفقه على المذاهب الأربعة، و غیرهما. قال شیخ الطائفة فی الخلاف ما حاصله:
قال الشافعی: إذا بلغت الحرّة الرشیدة، ملکت کل عقد إلاّ النکاح، فانّها متى أرادت أن تتزوج افتقر نکاحها إلى الولی، و هو شرط لا ینعقد إلاّ به مطلقاً على کل حال...
و قال ابوحنیفة: إذا بلغت المرأة الرشیدة، فقد زالت ولایة الولی عنها، کما زالت عن مالها، و لا یفتقر نکاحها إلى اذنه. ثم ذکر أنّها لو تزوجت و لم تضع نفسها فی کفو، جاز للولى فسخ نکاحها!
و قال مالک: إن کانت عربیّة و نسیبة، فنکاحها یفتقر إلى الولّی! و إن کانت معتقة دنیّة! لم یفتقر إلیه.
و قال داود: إن کانت بکراً، فنکاحها لا ینعقد إلاّ بولی، و إن کانت ثیباً لم یفتقر إلى ولیّ... .(5)