أقول: هذه المسألة معرکة للآراء بین الأصحاب، فانّ الشهرة لا سیما بین المتأخرین وإن استقرت على ما ذکره فی المتن، إلاّ أن هناک خلافات کثیرة، کما ستأتى الإشارة إلیها; و قد بحث عنه فی الجواهر فی خمسة و عشرین صفحة.
و لکن فی الأصحاب من یقول بکفایة العشر أیضاً، و هم عدد کثیر من أکابر الفقهاء.
و قال شاذ منّا بنشر الحرمة بما یسمى رضاعاً و لو کان قلیلا; حکاه فی الجواهر عن قاضی نعمان المصری، فی دعائم الإسلام، و ابن الجنید حیث قال الأول منهما: روى عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: یحرم من الرضاع کثیره و قلیله حتى المصة الواحدة. ثم قال: و هذا قول بیّن صوابه لمن تدبره و وفّق لفهمه، لأنّ الله تعالى شأنه یقول: (... و اُمهاتکم اللاتى أرضعنکم...) و الرضاع یقع على القلیل و الکثیر.
و قال الثانی منهما: قد اختلف الروایة من الوجهین جمیعاً فی قدر الرضاع المحرّم، إلاّ أنّ الذی أوجبه الفقه عندی، و احتیاط المرء لنفسه، أنّ کلما وقع علیه اسم رضعة و هو ملأة بطن الصبی إمّا بالمص أو الوجور، محرم للنکاح.
و أمّا العامة، فهم أیضاً مختلفون فی ذلک، قال شیخ الطائفة(قدس سره)فی الخلاف: من أصحابنا من قال أنّ الذی یحرم من الرضاع، عشر رضعات متوالیات لم یفصل بینهن برضاع إمرأة اخرى. و منهم من قال خمس عشر رضعة، و هو الأقوى; أو رضاع یوم و لیلة; أو ما أنبت اللحم و شدّ العظم إذا لم یتحلل بینهن رضاع إمرأة اُخرى. و حدّ الرضعة ما یروى به الصبى، دون المصة.
و قال الشافعی: لا یحرم إلاّ فی خمس رضعات متفرقات... و به قال ابن الزبیر، و عائشة; و فی التابعین سعید بن جبیر، و طاووس، و فی الفقهاء أحمد و اسحاق.
و قال قوم: قدرها ثلاث رضعات فما فوقها..، ذهب إلیه زید بن ثابت فی الصحابة، و إلیه ذهب أبو ثور و أهل الظاهر. و قال قوم: أنّ الرضعة الواحدة أو المصة الواحدة، حتى لو کان قطرة تنشر الحرمة; ذهب إلیه على ما رووه علیّ(علیه السلام) و ابن عمر و ابن عباس; و به قال فی الفقهاء، مالک و الأوزاعی و اللیث بن سعد و الثوری و ابن حنیفة و أصحابه.(1)
و حکی فی الجواهر قولا رابعاً عنهم، و هو العشر; حکاه عن طائفة منهم.(2)
فالأقوال بیننا ثلاثة:
1- عدم اشتراط بشىء ما عدا صدق الرضاع.
2- کون المدار على الأثر و الزمان و العدد، (مع کون العدد خمس عشر رضعة).
3- کون المدار على الأثر و الزمان و العدد، (مع کونه عشر رضعات).
و عند العامة أربع أقوال:
1- ثلاث رضعات.
2- خمس رضعات.
3- عشر رضعات.
4- عدم اشتراط بشىء.