فهو مفهوم من ظاهر روایات الباب; فان قوله(علیه السلام)فی غیر واحد من روایات - الباب 3 من أبواب ما یحرم بالرضاع -: لا یحرم من الرضاع إلاّ ما أنبت اللحم و شد العظم; أو ما فی معناه، هو استناد الأمرین إلى الرضاع، لا إلیه و إلى أمر آخر; فلا بد من الاستقلال فی الأثر.
قال المحقق السبزواری، فی مهذب الأحکام، بعد ذکر عنوان المسألة: إجماعاً و نصوصاً تقدم بعضها; ثم استدل له بالأصل بعد الشک فی شمول الادلة.(1)
هذا; و لکن باب المناقشة فی المسالة واسع، لأنّ استناد الإنبات و الشدّ إلى طعامین مختلفین، فیما إذا دام مدّة غیر قصیرة، أمر عرفی ظاهر، مثلا من أکل الخبز و الأرز مدة طویلة فزاد ثقل بدنه مثلا أربع کیلو غرام، یمکن أن یقال إن ازدیاد ثقله مستند إلى الخبز کما أنّه مستند إلى الأرز; فکل منهما علة مستقلة فی بعض زیادة الثقل، لأنّ المعلول أمر مرکب یمکن استناده إلى اسباب متعددة مستقلا; فالخبز مستقل فی تأثیره الخاص کما أنّ الأرز کذلک. و إن أبیت عن صدق الاستقلال فی التاثیر و لکن صدق النسبة حاصل; و لذا لو سئل عن سبب ازدیاد وزنه، یجیب بأنّ کلا من الخبز و الأرز سبب له. و یمکن اختبار ذلک فی مثال آخر، فلو فرض هناک مخزن للماء یرد علیه الماء من أنابیب متعددة لا شک أنّ مستوى الماء فی المخزن یرتفع تدریجاً کما أنّه لا شک فی نسبة الارتفاع إلى کل واحد فی الجملة، یعنى کل واحد سبباً لارتفاعه مثلا بمقدار شبر، و المجموع بمقدار أشبار; و بدن الإنسان مثل مخزن الماء، و الأغذیة مثل الماء الجاری من الأنابیب. (فافهم و اغتنم، فانّه ینفعک فی سائر المقامات التی تشابه المقام).
فالأقوى أنّ صدق النسبة لا یتوقف على عدم ضمّ شىء آخر إلیه، و به یرفع الید عن أصالة الحلّ هنا.
1. المحقق السبزوارى، فی مهذب الاحکام 25/23 و 24.
