إذا عرفت ذلک، فلنرجع إلى بیان الأقوال فی المسألة; و الظاهر أنّ المسألة إجماعیة.
قال فی الجواهر: لا ریب فی أنّه یجوز عند الضرورة، نظر کل من الرجل و المرأة إلى الآخر و لمسه.(1)
و قال الشهید الثانی(قدس سره) فی المسالک: قوله: و یجوز عند الضرورة; قد عرفت أنّ موضع المنع من نظر کل من الرجل و المرأة إلى الآخر، مشروط بعدم الحاجة الیه، أمّا معها فیجوز إجماعاً. ثم ذکر له أمثلة کثیرة(2).
و لقد أجاد فی جعل العنوان الجامع، هو الحاجة، ثم فرع علیها اُموراً کثیرة; و من الواضح أن عنوان الحاجة أیضاً یرجع إلى قاعدة الأهم و المهم، فالاولى جعلها العنوان الوحید فی المسألة.
و قال العلاّمة، فی التذکرة: القسم الثانی، أن یکون هناک حاجة إلى النظر، فیجوز إجماعاً; ثم ذکر أمثلة مختلفة نظیر إرادة النکاح و إرادة البیع المحتاجة إلى معرفة المشترى أو البایع، و مقام الشهادة و المعالجة. ثم قال: و لا یشترط فی جواز نظره، خوف فوات العضو، بل المشقة بترک العلاج، خلافاً لبعض الشافعیّة(3).
و قد تلخص من جمیع ذلک، أنّ المسألة إجماعیة بین الأصحاب (رضوان الله تعالى علیهم). و قال ابن قدامة، فی المغنى: فصل، فیمن یباح له النظر من الأجانب; یباح للطبیب النظر إلى ما تدعوا إلیه الحاجة من بدنها، فانه موضع الحاجة... و للشاهد، النظر إلى وجه المشهود علیها... و أنّ عامل إمرأة فی بیع أو إجارة، فله النظر إلى وجهها لیعلمها بعینها، فیرجع علیها بالدرک. و قد روى عن أحمد، کراهة ذلک فی حق الشابة دون العجوز، و لعله کرهه لمن یخاف الفتنة أو یستغنى عن المعاملة، أمّا مع الحاجة و عدم الشهود، فلا بأس(4).
فقد أرسله ارسال المسلمات مما یکشف عن موافقة الجمیع أو الأکثر، حتى أنّه ذکر التوجیه لکلام أحمد، لیوافق ما ذکره.
هذا حال المسألة بحسب أقوال الفریقین إجمالاً.