و هو الکلام فی العدد; و هناک أقوال أربعة کما یظهر من کلماتهم:
1- اللازم کون العدد اربع نسوة، و هو المشهور.
2- یکفى اثنتان، و هو المحکى عن المفید.
3- یکفى واحدة، و هو المحکى عن سلاّر بن عبدالعزیز.
4- الواجب هو الأربعة، و لکن یثبت بالواحدة بمقدار الربع، و بالاثنین بمقدار النصف; و هکذا فی أمثال الارث و شبهه، و هو المحکی عن ابن الجنید.(1) و لکنه خارج عما نحن بصدده فی مسألة الرضاع، لأنّ حرمة النکاح لا تقبل التقسیم.
و یدل على قول المشهور، الاستقراء الحاصل من الأدلة، من کون قول امرأتین بحکم رجل واحد فی الأبواب المختلفة; فاللازم الأخذ به ما لم یدل دلیل على خلافه، و من المعلوم أنّ الأصل فی المقام عدم الحجیة مالم یقم دلیل علیها، لما ذکرناه فی أبواب حجیة الظنون.
و هذا هو الأقوى.
و استدل على کفایة الاثنین، بما رواه أبوبصیر عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: تجوز شهادة امرأتین فی استهلال.(2)
و فی فقه الرضا أیضاً، و روى أنّه تجوز شهادة امرأتین فی استهلال الصبی... .(3)
و قد عرفت فی حدیث عبدالله بن بکیر، عن بعض أصحابنا عن الصادق(علیه السلام) قوله: لا تصدق إن لم یکن غیرها.(4)
و اطلاق مفهومه یدل على کفایة الاثنین.
و جمیعها محل الإشکال; أمّا الأوّل و الثانی، فهما واردان فی الاستهلال، و شمولهما للرضاع بالاولویة مشکل، بل الأمر بالعکس کما لا یخفى.
والثالث، مرسلة غیر منجبرة بعمل الأصحاب، مضافاً إلى أنّ اطلاقها قابل للتقیید.
و أمّا الدلیل على کفایة الواحدة، فهو ما رواه الحلبی فی الصحیح، عن الصادق(علیه السلام)أنّه سئل عن شهادة النساء - إلى أن قال - و سالته عن شهادة القابلة فی الولادة; قال: تجوز شهادة الواحدة; الحدیث.(5)
و یرد علیه أوّلا، أنّها واردة فی غیر الرضاع، و الأخذ بها فی الرضاع من باب الأولویة مشکل کما عرفت. و ثانیاً، یمکن أن تکون ناظرة إلى حکم المیراث و أنّها تقبل فی ربع المیراث، کما ورد فی غیر واحد من روایات أبواب الشهادة، و هذا أمر غیر ممکن فی الرضاع. و ثالثاً، یمکن حملها - بالنسبة إلى باب الرضاع - على الاستحباب کما احتمله فی الجواهر، لما أفاده السید فی الناصریات من دعوى إجماع أصحابنا على استحباب قبول شهادة المرأة الواحدة فی الرضاع، مضافاً إلى ما رواه الدارقطنی، فی سننه من النبوی(صلى الله علیه وآله): دعها، کیف و قد شهدت السوداء.(6)
هذا کله، مضافاً إلى اعراض الأصحاب عن جمیع ذلک، فلو کانت بالغة حد الحجیة أسقطها اعراض الأصحاب، کیف و لم تبلغ هذا الحدّ.
1. المحقق النجفی، فی جواهرالکلام 29/346 و غیره.
2. الوسائل 18/267، الحدیث 41، الباب 24 من أبواب الشهادات.
3. المیرزا النوری، فی مستدرک الوسائل 17/426، الحدیث 8.
4. الوسائل 14/304، الحدیث 3، الباب 12 من أبواب ما یحرم بالرضاع.
5. الوسائل 18/258، الحدیث 2، الباب 24 من أبواب ما یحرم بالرضاع.
6. على بن عمر الدارقطنی، فی سنن الدارقطنی 4/177.
