و یدل على القول الأول اُمور:
الأوّل، عدم صدق الرضاع علیه، فانّ الرضاع لا یکون إلاّ من الثدی و احتمال دخله فی الحکم غیر بعید، فالعدول إلى غیره یحتاج إلى دلیل، فیرجع إلى أصالة الحلیة بعد عدم شمول العمومات.
الثانی، هناک روایات تدل على المطلوب:
1- ما رواه زرارة، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: سألته عن الرضاع. فقال: لا یحرم من الرضاع إلاّ ما أرتضعا من ثدی واحد حولین کاملین.(1)
و لکن فی سند الروایة و دلالتها ضعف; أما الأول، فلوجود حسن بن حذیفة بن منصور فی سندها، و قد صرح ابن الغضائرى بأنّه ضعیف جدّاً; ولو قلنا بعدم اعتبار تضعیف ابن الغضائرى لأنّه یضعف بأدنى شیء، فلا أقل من أن الرجل مجهول الحال فلا اعتبار بالسند.
و أمّا دلالتها، فلأنّ الرضاع حولین کاملین مخالف للإجماع، مضافاً إلى أنّه نادر جدّاً; اللّهم إلاّ أن یقال المراد وقوع الرضاع فی حولین کاملین لا بعدهما، و هو شرط آخر و لکنه حمل بعید لا سیما مع ملاحظه قوله(علیه السلام): کاملین.
هذا مضافاً إلى إمکان حمل الثدی على الغالب، و القیود الغالبیة لا مفهوم لها.
2- ما رواه الحلبی، بسند صحیح، عن الصادق(علیه السلام) قال: جاء رجل إلى أمیرالمؤمنین(علیه السلام)، فقال: یا أمیرالمؤمنین أنّ امرأتی حلبت من لبنها فی مکوک(2) و اسقته جاریتی. فقال: أوجع امرأتک و علیک بجاریتک.(3)
و لکن دلالتها أیضاً مخدوشة، فانّ الظاهر کون الجاریة کبیرة لا رضیعة; و إلاّ لم یکن للزوجة داعیاً لعدم ارضاعها من ثدیها; و حینئذ یمکن أن یکون عدم الحرمة المستفادة منها من باب فقدان هذا الشرط.
3- ما رواه العلاء بن رزین، بسند معتبر، عن أبی عبدالله(علیه السلام) فقال: لا یحرم من الرضاع إلاّ ما ارتضع من ثدی واحد سنة.(4)
و یأتی من المناقشة فی دلالتها ما مرّ فی الروایة الاولى، بل أشد منه; فانّ السنة لا محمل لها إلاّ التقیة; مضافاً إلى ما عرفت من إمکان کون القید (أعنی الثدی) قیداً غالبیاً.