أقول: هذه المسألة من فروع المسألة السابقة; و حاصلها، أنّ الکراهة الموجودة فی القلب أو الظاهرة من خلال الأقوال و الأفعال حین العقد، مع عدم صدور الردّ من صاحب العقد، غیر قادحة فی صحة الاجازة بعدها. و إنّما یصح البحث فی هذه المسألة على فرض عدم صحة الاجازة بعد الرّد، و أمّا على المختار من صحتها و لو بعد الردّ، لا تصل النوبة إلى هذا البحث. فانّ الکراهة لیست أقوى من الردّ، بل هی أضعف منه، و لو کانت الکراهة حال العقد.
و قد صرّح العلامة الاستاذ الخوئی(قدس سره) بذلک على ما فی مستند العروة.(1) و قال سیدنا الاستاذ الحکیم، فی المستمسک، فی شرح المسالة 23 من مسائل عقد النکاح: قد یظهر من شیخنا الأعظم(ره) فی التنبیه الثانی من تنبیهات القول فی الاجازة، انه (أی عدم قدح الکراهة حال العقد) مسلّم عند الأصحاب، و یقتضیه القواعد العامة.(2)
و على کل حال، یدل على عدم مانعیتها -و لو قلنا بفساد الاجازة بعد الردّ - أنّها لیست کالردّ، و ما اُقیم على البطلان فی إنشاء الردّ لا یأتی هنا، مثل أنّ الردّ قاطع لسلطة الغیر على مال المالک أو نفسه، أو أنّه مجمع علیه بین الأصحاب، أو شبه ذلک فان مجرد الکراهة لاتؤثر هذا الأثر، ولا إجماع فیه، و مقتضى عموم وجوب الوفاء بالعقود، صحته.
أضف إلى ذلک، أنّه یظهر من غیر واحد من الروایات السابقة، کصحیحة محمد بن قیس، و بعض روایات نکاح العبد بغیر اذن مولاه، أنّ الکراهة کانت موجودة حین العقد أو بعدها.
و إنّه لو قلنا بمنع نفوذ العقد مع الکراهة، فلا بدّ من القول ببطلان عقد المکره، (فان کل مکره على العقد، کاره له; و إن لم یمکن کلّ کاره مکرها، لاعتبار التهدید و التخویف فی الاکراه) مع أنّه لم یقل به أحد; و لا أقل أنّه خلاف ما اشتهر بین الأصحاب. هذا، ولکن یمکن الفرق بین ما نحن فیه و المکره بما لایخفى على الخبیر. و قد ذکرنا فی کتابنا أنوار الفقاهة (کتاب البیع) ما ینفعک هنا.(3)
المسالة 18: یکفى فی الاجازة المصححة لعقد الفضولی، کل ما دلّ على إنشاء الرضا بذلک العقد، بل یکفى الفعل الدال علیه.