أنّ القول بالتفصیل بین النکاح الدائم و المنقطع، بالقول باستقلال البکر فی الأول دون الثانی، أو بالعکس، فقد عرفت أنّ الاّول لم یعرف له قائل و إن حکاه المحقق فی الشرایع عن بعض لم یسمه; و إن الثانی محکی عن الشیخ فی کتابی الأخبار.
و الذی یمکن أن یکون مستمسکاً لهذین القولین، طائفتان من الروایات الواردة فی أبواب المتعة، فی الباب 11، و قد نقلناهما. فمن نظر إلى مادل على وجوب استیذان البکر فی المتعة عن ولیها، مثل صحیح أبی مریم(1) و صحیح البزنطی،(2) ثم ضمّه إلى أدلة قول استقلال البکر فی النکاح، و حملها على الدائم نظراً إلى انصراف اطلاقها إلیه، قال بالأول.
أمّا من نظر إلى الطائفة الثانیة من روایات المتعة الدالة على جواز نکاحها بدون اذن الولی، مثل روایة الحلبی،(3) و روایة أبی سعید،(4) ثم ضمّها إلى ما دلّ على استقلال الولی فی نکاحها و حملها على الدائم للانصراف، قال بالثانی.
و الإنصاف أنّ شیئاً من هذین، لیس مقبولا، و ما ذکر من الدلیل غیر کاف، فانّ طریق الجمع بین الروایات الدالة على عدم جواز نکاح البکر بدون اذن أبیها، و ما دلّ على جوازه، هو الجمع بالکراهة; مضافاً إلى ما عرفت من أنّ الروایات الدالة على استقلالها فی النکاح مطلقا، (أو فی خصوص الدائم)، معارض بمثلها الدالة على استقلال الولی; و أنّه لا یمکن الجمع بینهما; فاللازم الرجوع إلى المرجحات، و الترجیح لما دل على استقلال الباکرة و إن کان متقضى العناوین الثانویة فی العصر الحاضر، المنع; و لا أقل من الاحتیاط.