القَسَم على ترک وطء الزوجة أو الإیلاء (1) تقلید جاهلی کان شائعاً بین العرب، واستمرّ معمولاً به عند المسلمین الجدد قبل نزول حکم الطلاق.
کان الرجل فی الجاهلیة ـ حین یغضب على زوجته ـ یقسِم على عدم وطئها، فیشدّد علیها بهذه الطریقة الفضّة، لا هو یطلق سراحها بالطلاق لتتزوج من رجل آخر، ولا یعود إلیها بعد هذا القَسَم لیصالحها ویعایشها، وطبعاً لا یواجه الرجل غالباً صعوبة فی ذلک لأنه یتمتع بعدة زوجات.
الآیة الکریمة وضعت لهذه القضیة حدّاً، فذکرت أنّ الرجل یستطیع خلال مدّة أقصاها أربعة أشهر أن یتّخذ قراراً بشأن زوجته: إمّا أن یعود عن قَسَمه ویعیش معها، أو یطلّقها ویخلّی سبیلها.
(للذین یؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر).
والغایة من الامهال أربعة أشهر هو إعطاء الفرصة للزوج لیفکر فی أمره مع زوجته وینقذها من هذا الحال. ثمّ تضیف:
(فإن فآءوا فإنّ الله غفورٌ رحیمٌ).
أی إن عادوا وجدوا الله غفوراً رحیماً، والعبارة تدلّ أیضاً أنّ العودة عن هذا القَسَم لیس ذنباً، بالرغم من ترتب الکفّارة علیه.
(وإن عزموا الطلاق فإنّ الله سمیعٌ علیمٌ) أی فلا مانع من ذلک مع توفّر الشروط اللازمة.
وفیما لو أهمل الزوج کلا الطریقین ولم یختر أحدهما، فلم یرجع إلى الحیاة الزوجیة السلیمة، ولم یطلّق، ففی هذه الصورة یتدخّل حاکم الشرع ویأمر بالقاء الزوج فی السجن، ویشدد علیه حتى یختار أحدهما، وینقذ الزوجة من حالتها المعلّقة.
ینبغی التأکید هنا على أنّ الإسلام، وإن لم یلغ حکم الإیلاء نهائیاً، فقد أزال آثار هذه الظاهرة، لأنّه لم یسمح للرجل أن ینفصل عن زوجته بالإیلاء، وتعیینه مدّة للذین یؤلون من نسائهم لا یعنی إلغاء حقّ من حقوق الزوجیّة، لأنّ حقّ المرأة على زوجها ـ فی إطار الوجوب الشرعی ـ الوطء کلّ أربعة أشهر، هذا طبعاً فی حالة عدم انجرار المرأة إلى الذنب على أثر طول المدّة، وإلاَّ یجب أن تقلّل المدّة إلى مقدار تأمین الحاجة الجنسیة وخاصّة بالنسبة للمرأة الشابّة التی یخشى انحرافها.