«الشّیطان» اسم جنس شامل للشیطان الأوّل ولجمیع الشّیاطین. أمّا «إبلیس» فاسم علم للشیطان الذی وسوس لآدم. وإبلیس ـ کما صرح القرآن ـ ما کان من جنس الملائکة وإن کان فی صفوفهم، بل کان من طائفة الجن، وهی مخلوقات مادیة. قال تعالى: (فسجدوا إلاَّ إبلیس کان من الجنِّ ) (1) .

باعثه على الإمتناع عن السجود کبُر وغرور وتعصب خاص استولى علیه حیث اعتقد أنّه أفضل من آدم، ولا ینبغی أن یصدر له أمر بالسجود لآدم، بل ینبغی أن یؤمر آدم بالسجود له، وسیأتی شرح ذلک فی تفسیر الآیة 12 من سورة الأعراف.

کفر إبلیس کان یعود إلى نفس السبب أیضاً، فقد اعتقد بعدم صواب الأمر الإلهی، وبذلک لم یعصِ فحسب، بل انحرف عقائدیاً. وهکذا ذهبت أدراج الریاح کل عباداته وطاعاته نتیجة کبره وغروره. وهکذا تکون دوماً نتیجة الکبر والغرور.

وعبارة (کان من الکافرین ) تشیر إلى أنّ إبلیس کان قبل صدور الأمر الإلهی إلیه بالسجود، قد انفصل عن مسیر الملائکة وطاعة الله، وأسرَّ فی نفسه الاستکبار والجحود، لعله عزم فی قرارة نفسه أن لا یخضع لو صدرت إلیه أوامر بالخضوع والسجود، ومن المحتمل أن تکون عبارة (ما کنتم تکتمون ) إشارة إلى ذلک. وورد هذا المعنى فی حدیث عن الإمام الحسن العسکری (علیه السلام)، قال إبْلیسُ: «لَئِنْ أَمْرَنِی اللهُ بِالسُّجُودِ لِهَذَا لَعَصَیْتُهُ إلى أَنْ قَالَ: ثُمَّ قَالَ اللهُ تَعَالى لِلْمَلاَئِکَةِ: اُسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا فَأَخْرَجَ إبْلِیسُ مَا کَانَ فِی قَلْبِهِ مِنَ الْحَسَدِ فَأَبِى أَنْ یَسْجُدَ» (2) .

1. الکهف، 50.
2. تفسیر المیزان، ج 1، ص 124.