التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة الحمد / الآیة 1-7 1 ـ هل البسملة جزء من السّورة؟

(بسم الله الرَّحمن الرَّحیم)

دأبت الأمم والشّعوب على أن تبدأ کل عمل هام ذی قیمة باسم کبیر من رجالها، والحجر الأساس لکل مؤسسة هامّة یوضع باسم شخصیة مرموقة فی نظر أصحابها، أی أنّ أصحاب المؤسسة یبدأون العمل باسم تلک الشّخصیة.

ولکن، ألیس من الأفضل أن یبدأ العمل فی اُطروحة اُرید لها البقاء والخلود باسم وجود خالد قائم لا یعتریه الفناء؟ فکلّ ما فی الکون یتجه إلى الزّوال والفناء، إلاّ ما کان مرتبطاً بالذات الأبدیة الخالدة... ذات الله سبحانه.

إنّ خلود ذکر الأنبیاء سببه إرتباطهم بالله وبالقیم الإنسانیة الإلهیّة الخالدة کالعدالة وطلب الحقیقة، وخلود اسم رجل فی التّاریخ مثل (حاتم الطّائی)، یعود إلى إرتباطه بواحدة من تلک القیم هی (السّخاء).

صفة الخلود والأبدیة یختص بها الله تعالى من بین سائر الموجودات، ومن هنا ینبغی أن یبدأ کلّ شیء باسمه وتحت ظلّه وبالاستمداد منه، ولذلک کانت البسملة أوّل آیة فی القرآن الکریم.

والبسملة لا ینبغی أن تنحصر فی اللفظ والصورة، بل لابدّ أن تتعدّى ذلک إلى الإرتباط

الواقعی بمعناها، وهذا الإرتباط یخلق الإتجاه الصحیح ویصون من الانحراف، ویؤدّی حتماً إلى نتیجة مطلوبة مبارکة، لذلک جاء فی الحدیث النّبوی الشریف: «کُلُّ أمْر ذِی بَال لَمْ یُذْکَرْ فِیهِ اسْمُ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» (1).

وأمیرالمؤمنین(علیه السلام) بعد نقله لهذا الحدیث الشریف قَالَ: «إنَّ الْعَبْدَ إذَا أَرَادَ أَنْ یَقْرَأَ أَوْ یَعْمَلَ عَمَلا فَیَقُولُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فَإنَّهُ یُبَارَکَ فیهِ» (2).

ویقول الإمام محمّد بن علی الباقر(علیه السلام): «... وَیَنْبَغی الإتْیَانُ بِهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ کُلِّ أَمْر عَظِیم أَوْ صَغِیر لِیُبَارَکَ فیهِ» (3).

بعبارة موجزة: بقاء العمل وخلوده یتوقف على إرتباطه بالله.

من هنا کانت الآیة الاُولى التی أنزلها الله على نبیّه الکریم تحمل أمراً لصاحب الرسالة أن یبدأ مهمّته الکبرى باسم الله: (إقرأ باسم ربِّک...) (4).

ولذلک أیضاً فإنّ نوح(علیه السلام) حین یرکب السفینة فی ذلک الطوفان العجیب، ویمخر عباب الأمواج الهادرة، ویواجه ألوان الأخطار على طریق تحقیق هدفه ـ یطلب من أتباعه أن یردّدوا البسملة فی حرکات السفینة وسکناتها: (وقال ارکبوا فیها بسم الله مجراها ومرساها) (5). وانتهت هذه السفرة الملیئة بالأخطار بسلام وبرکة کما یذکر القرآن الکریم: (قیل یا نوح اهبط بسلام منَّا وبرکات علیک وعلى امم ممَّن معک) (6).

وسلیمان(علیه السلام) یبدأ رسالته إلى ملکة سبأ بالبسملة: (إنَّه من سلیمان وإنَّه بسم الله الرَّحمن الرَّحیم...) (7).

وانطلاقاً من هذا المبدأ تبدأ کلّ سور القرآن بالبسملة، کی یتحقّق هدفها الأصل المتمثل بهدایة البشریة نحو السعادة، ویحالفها التوفیق من البدایة إلى ختام المسیرة.

وتنفرد سورة التوبة بعدم بدئها بالبسملة، لأنّها تبدأ بإعلان الحرب على مشرکی مکّة وناکثی الأیمان، وإعلان الحرب لا ینسجم مع وصف الله بالرحمن الرحیم.

تجدر الإشارة إلى أنّ البسملة تقتصر على صیغة «بسم الله» ولا تقول فیها: باسم الخالق أو باسم الرزاق وما شابهها من الصیغ. والسبب یعود إلى أنّ کلمة (الله) ـ کما سیأتی ـ جامعة لکلّ أسماء الله وصفاته، أمّا الأسماء الاُخرى لله فتشیر إلى قسم من کمالاته کالرحمة والخالقیة.

اتضح ممّا سبق أیضاً أنّ قولنا: «بِاسْمِ اللهِ» فی بدایة کلّ عمل یعنی «الإستعانة» بالله، ویعنی أیضاً «البدء» باسم الله، وهذان المعنیان یعودان إلى أصل واحد، وإن عمد بعض المفسّرین إلى التفکیک بینهما وتقدیر کل واحد منهما فی الکلام. فالمعنیان متلازمان، أی: أبدأ باسم الله وأستعین بذاته المقدّسة.

وطبیعی أنّ البدء باسم الله الذی تفوق قدرته کل قدرة، یبعث فینا القوّة، والعزم، والثقة، والإندفاع، والصمود والأمل أمام الصعاب والمشاکل، والإخلاص والنزاهة فی الحرکة.

وهذا رمز آخر للنجاح، حین تبدأ الأعمال باسم الله.

مهما أطلنا الحدیث فی تفسیر هذه الآیة فهو قلیل، فالمعروف عن علیّ(علیه السلام) أنّه بدأ یفسّر لابن عباس آیة البسملة فی أول اللیل، فأسفر الصبح وهو لم یتجاوز تفسیر الباء منها، (8) غیر أنّنا ننهی البحث بحدیث عنه(علیه السلام)، وستکون لنا بحوث اُخرى فی هذا الصدد خلال بحوثنا القادمة.

دَخَلَ عَبْدُ الله بنُ یَحْیى عَلى أَمِیر الْمُؤْمِنینَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ وَبَیْنَ یَدَیْهِ کُرْسِیٌّ فَأَمَرَهُ بالْجُلُوسِ عَلَیْهِ فَجَلَسَ عَلَیْهِ فَمَالَ بِهِ حَتّى سَقَطَ عَلى رَأْسِهِ فَأَوْضَحَ عَنْ عَظْمِ رَأْسِهِ وَسَالَ الدَّمُ، فَأَمَرَ أَمیرُ الْمُؤْمِنینَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ بِمَاء فَغَسَلَ عَنْهُ ذَلِکَ الدَّمَ ثُمَّ قَالَ: اُدْنُ مِنّی، فَوَضَعَ یَدَهُ عَلى مَوْضِحَتِهِ «...أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ حَدَّثَنی عَن اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: کُلُّ أَمْر ذِی بَال لَمْ یَذْکَر فِیهِ بِسْمِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ؟» فَقُلْتُ: بَلى بِأَبِی أَنْتَ وَاُمّی لاَ أَتْرُکُهَا بَعْدَهَا، قَالَ: «إذاً تحْظى بِذَلِکَ وَتسْعَدُ».

وَقَالَ الصَّادِقُ(علیه السلام): «وَلَرُبَّمَا تَرَکَ فِی افْتِتَاحِ أَمْر بَعْضُ شِیعَتِنَا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فَیَمْتَحِنُهُ اللهُ بِمَکْرُوه لِیُنَبِّهَهُ عَلى شُکْرِ اللهِ تَعَالى وَالثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَیَمْحُو فِیهِ عَنْهُ وَصمَةَ تَقْصِیرِهِ عِنْدِ تَرْکِهِ قَوْلَ بِسْمِ اللهِ». (9)

 


1. بحار الأنوار، ج 73، ص 305، ح 1; وتفسیر البیان، ج 1، ص 461; وتفسیر روح المعانی، ج 1، ص 39.
2. بحار الأنوار، ج 89، ص 242; وتفسیر الإمام الحسن العسکری(علیه السلام)، ص 25.
3. تفسیر المیزان، ج 1، ص 21.
4. العلق، 1.
5. هود، 41.
6. هود، 48.
7. النمل، 30.
8. نهج الحق، ص 238; وبحارالانوار، ج 40، ص 186.
9. سفینة البحار، ج 1، ص 633; وبحارالانوار، ج 73، ص 305، ح 1.
 
سورة الحمد / الآیة 1-7 1 ـ هل البسملة جزء من السّورة؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma