الصوم مدرسة التّقوى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 183 ـ 185 1ـ الآثار التّربویة والإجتماعیة والصحّیّة للصوم

فی سیاق طرح مجموعة من الأحکام الإسلامیة، تناولت هذه الآیات أحکام واحدة من أهم العبادات، وهی عبادة الصوم، وبلهجة مفعمة بالتأکید قالت الآیة: (یا أیُّها الَّذین آمنوا کتب علیکم الصِّیام کما کتب على الَّذین من قبلکم).

ثم تذکر الآیة مباشرة فلسفة هذه العبادة التربویة، فی عبارة قلیلة الألفاظ، عمیقة المحتوى، وتقول: (لعلکم تتَّقون).

نعم، الصوم ـ کما سیأتی شرح ذلک ـ عامل فعّال لتربیة روح التقوى فی جمیع المجالات والأبعاد.

لما کانت هذه العبادة مقرونة بمعاناة وصبر على ترک اللذائد المادیة، وخاصّة فی فصل

الصیف، فإنّ الآیة طرحت موضوع الصوم بأسالیب متنوعة لتهیّء روح الإنسان لقبول هذا الحکم.

تبتدىء الآیة أولا باُسلوب خطابی وتقول: (یا أیُّها الَّذین آمنوا) وهو نداء یفتح شغاف القلب، ویرفع معنویات الإنسان، ویشحذ همته، وفیه لذة قال عنها الإمام الصادق(علیه السلام): «لَذَّةُ مَا فِی النَّدَاءِ ـ أی یا أیّها الَّذینَ آمَنُوا ـ أَزَالَ تَعْبَ الْعِبَادَةِ وَالعَنَاءِ»(1).

ثمّ تبیّن الآیة أنّ الصوم فریضة کتبت أیضاً على الاُمم السابقة.

ثم تبیّن الآیة فلسفة الصوم وما یعود به على الإنسان من منافع، لتکون هذه العبادة محبوبة ملتصقة بالنفس.

الآیة التالیة تتجه أیضاً إلى التخفیف من تعب الصوم وتقول:

(أیَّاماً معدودات) فالفریضة لا تحتل إلاّ مساحة صغیرة من أیّام السنة.

ثم تقول (فمن کان منکم مریضاً أو على سفر فعدَّةٌ من أیَّام اخر)، فالمریض والمسافر معفوان من الصوم، وعلیهما أن یقضیا صومهما فی أیّام اُخرى.

ثم تصدر الآیة عفواً عن الطّاعنین فی السنّ، وعن المرضى الذین لا یرجى شفاؤهم، وترفع عنهم فریضة الصوم لیدفعوا بدلها کفارة، فتقول: (وعلى الَّذین یطیقونه فدیةٌ طعام مسکین).(2)

ثم یقول الآیة (فمن تطوَّع خیراً فهو خیرٌ له)(3) أی من تطوع للإطعام أکثر من ذلک فهو خیرٌ له.

وأخیراً تبیّن الآیة حقیقة هی: (وأن تصوموا خیرٌ لکم إن کنتم تعلمون).

استدل بعض بهذه الآیة على أنّ الصوم کان فی بدایة التشریع واجباً تخییریاً، وکان المسلمون مخیرین بین الصوم والفدیة، ثم نسخ هذا الحکم بعد أن تعوّد المسلمون على الصوم وأصبح واجباً عینیّاً، ولکن ظاهر الآیة یدلّ على تأکید آخر على فلسفة الصوم، وعلى أنّ هذه العبادة ـ کسائر العبادات ـ لا تزید الله عظمة أو جلالا، بل تعود کل فوائدها على النّاس.

الشاهد على ذلک ما جاء فی القرآن من تعبیر مشابه لذلک، کقوله سبحانه بعد ذکر وجوب صلاة الجمعة: (ذلکم خیرٌ لکم إن کنتم تعلمون)(4).

وقوله تعالى: (وإبراهیم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتَّقوه ذلکم خیرٌ لکم إن کنتم تعلمون)(5).

بهذا تبین أن عبارة (وأن تصوموا خیرٌ لکم) موجهة إلى کل الصائمین لا إلى مجموعة خاصّة.

آخر آیة فی بحثنا تتحدث عن زمان الصوم وبعض أحکامه ومعطیاته تقول: (شهررمضان) هو الشهر الذی فرض فیه الصیام.

وهو (الَّذی انزل فیه القرآن هدىً للنَّاس وبیِّنات من الهدى والفرقان)، أی معیار معرفة الحق والباطل.

ثم تؤکّد ثانیة حکم المسافر والمریض وتقول: (فمن شهد منکم الشَّهر فلیصمه ومن کان مریضاً أو على سفر فعدَّةٌ من أیَّام اخر)(6).

تکرار حکم المسافر والمریض فی هذه الآیة والآیة السابقة، قد یکون سبب کراهیة بعض المسلمین أن لا یصوموا أیام شهر رمضان حتى ولو کانوا مرضى أو مسافرین. والقرآن بهذا التکرار یفهم المسلمین أن الصوم فی حالة السلام والحضر حکم إلهی، والإفطار فی حال السفر والمرض حکم إلهی أیضاً لا تجوز مخالفته.

وفی آخر الآیة إشارة اُخرى إلى فلسفة تشریع الصوم، تقول: (یرید الله بکم الیسر ولایرید بکم العسر). فالصوم ـ وإن کان على الظاهر نوعاً من التضییق والتحدید ـ مؤدّاه راحة الإنسان ونفعه على الصعیدین المادی والمعنوی، (وسیأتی تفصیل ذلک فی بحث فلسفة الصوم).

ولعل هذه العبارة إشارة إلى أنّ الأوامر الإلهیّة لیست کأوامر الحاکم الظالم، ففی الصوم رخص حیثما کان فیه مشقة على الصائم، لذلک رفع تکلیف الصوم ـ على أهمّیته ـ عن المریض والمسافر والضعیف.

ثم تقول الآیة: (ولتکملوا العدَّة) أی یلزم على کل إنسان سلیم أن یصوم شهراً، فذلک ضروری لتربیة جسمه ونفسه، لذلک وجب على المریض والمسافر أن یقضی ما فاته من شهر رمضان لیکمل العدّة، وحتى الحائض ـ التی اُعفیت من قضاء الصلاة ـ غیر معفوّة عن قضاء الصوم.

والعبارة الأخیرة من الآیة تقول: (ولتکبِّروا الله على ما هداکم ولعلکم تشکرون)لتکبروه على ما وفّر لکم من سبل الهدایة، ولتشکروه على ما أنعم علیکم.

الشکر فی الآیة مسبوق بکلمة «لَعَلَّ»، لکنّ التکبیر مؤکّد بشکل قاطع غیر مسبوق بترجّ. وقد یعود الاختلاف فی التعبیر إلى أنّ عبادة (الصوم) هی على کل حال تکبیر لله وتعظیم له سبحانه، أما الشکر ـ وهو إنفاق النعم فی مواضعها والاستفادة من الآثار العملیة للصوم ـ فله شروط أهمها الإخلاص التام، وفهم حقیقة الصوم، والإطلاع على أبعاده وأعماقه.


1.تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر الصافی، ج 1، ص 218.
2. «یطیقونه» من «الطوق» وهو الحلقة التی تلقى على العنق، أو توجد علیه بشکل طبیعی «کطوق الحمام» ثم أطلقت الکلمة على نهایة الجهد والطاقة، والضمیر فی «یطیقونه» یعود على الصوم، أی الذین یبذلون غایة طاقتهم لدى الصوم، أو بعبارة اُخرى: الذین یجهدهم الصوم ویثقل علیهم، وهم الطاعنون فی السنّ والمرضى الذین لا یرجى علاجهم، فهؤلاء معفوون من الصوم وعلیهم أن یدفعوا الفدیة بدل ذلک (وعلى المرضى الذین یشفون أن یقضوا صومهم).
وقیل (الَّذینَ یُطیقُونَه) یعنی الذین کانوا یطیقونه، ولم یعودوا الیوم قادرین على الصوم (وهذا المعنى جاء فی بعض الروایات; أصول الکافی، ج 4، ص 116، ح 5).
3.قیل فی عبارة (تَطَوَّع خَیْراً) إنّها إشارة إلى الصوم المستحب، وقیل أیضاً: إنّها تأکید على أنّ الصوم ینبغی أن یکون عن رغبة وطواعیة، لا عن إجبار وإکراه.
4.الجمعة، 9.
5.العنکبوت، 16.
6.أی من کان فی حضر فلیصم شهر رمضان، وقیل إن جملة (مَنْ شَهِدَ مِنْکُمُ الشَّهْرَ) تعنی رؤیة الهلال، وهو بعید، والحق ما ذکرناه وروایات أئمّة أهل البیت تؤید ذلک، (أصول الکافی، ج 4، ص 126، ح 1).

 

 

سورة البقرة / الآیة 183 ـ 185 1ـ الآثار التّربویة والإجتماعیة والصحّیّة للصوم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma