بعض أحکام الحجّ المهمّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 196 1ـ أهمیّة الحجّ بین الواجبات الإسلامیّة

لایُعلم بدقّة تاریخ نزول الآیات المتعلّقة بالحجّ فی القرآن الکریم، ولکن یرى بعض المفسّرین العظام أنّها نزلت فی حجّة الوداع(1)، فی حین یرى بعضهم أنّ جملة (فإن احصرتم فما استیسر من الهدی) ناظرة إلى حادثة (الحدیبیّة) الواقعة فی السنّة السادسة للهجرة حیث منع المسلمون من زیارة بیت الله الحرام(2).

ففی هذه الآیة ذُکرت أحکام کثیرة:

1ـ فی مطلع الآیة تأکیداً على أنّ أعمال العمرة والحجّ ینبغی أن تکون لله وطلب مرضاته فقط (وأتمّوا الحجّ والعمرة لله) من هنا لاینبغی أن یشوب أعمال الحجّ نیّة اُخرى غیر الدافع الإلهی وکذلک الإتیان بالعمل العبادی هذا کاملاً وتامّاً بمقتضى جملة (وأتمّوا).

2ـ ثمّ إنّ الآیة تشیر إلى الأشخاص الّذین لا یحالفهم التوفیق لأداء مناسک الحجّ والعمرة بعد لبس ثیاب الإحرام بسبب المرض الشدید أو خوف العدو وأمثال ذلک، فتقول (فإن احصرتم فما استیسر من الهدی) فمثل هذا الشخص علیه أن یذبح ما تیّسر له من الهدی ویخرج بذلک من إحرامه(3).

وعلى کلّ حال فإنّ الأشخاص الّذین منعهم مانع ولم یتمکنّوا من أداء مراسم الحجّ والعمرة فیمکنهم بالاستفادة من هذه المسألة أن یحلّوا من إحرامهم.

ونعلم أیضاً أنّ الهدی یمکن أن یکون بعیراً أو بقرة أو خروفاً، وهذا الأخیر أقلّ الهدی مؤنةً، ولهذا کانت جملة (فما استیسر من الهدی)تشیر غالباً إلى الغنم.

3ـ ثمّ إنّ الآیة الشریفة تشیر إلى أمر آخر من مناسک الحجّ فتقول: (ولا تحلقوا رؤوسکم حتى یبلغ الهدی محلّه).

فهل أنّ هذا الأمر یتعلّق بالأشخاص المحصورین الممنوعین من أداء مراسم الحجّ، فهو بمثابة تکمیل للأوامر السابقة، أو أنّه یشمل جمیع الحجّاج؟ إختار بعض المفسّرین الرأی الأوّل وقالوا أنّ المراد من محل الهدی أی محل الأضحیة هو الحرم.(4)

وقال آخرون أنّ المراد هو المکان الّذی حصل فیه المانع والمزاحم ویستدلّ بفعل النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی واقعة الحدیبیّة التی هی مکان خارج الحرم المکّی، حیث إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله)بعد منع المشرکین له ذبح هدیه فی ذلک المکان وأمر أصحابه أن یفعلوا ذلک أیضاً.(5)

یقول المفسّر الکبیر المرحوم الطبرسی: (ذهب علمائنا إلى أنّ المحصور إذا کان بسبب المرض فیجب علیه ذبح الأضحیة فی الحرم، وإذا کان بسبب منع الأعداء فیجب الذبح فی نفس ذلک المکان الّذی مُنع به).(6)

ولکنّ ذهب مفسرون آخرون إلى أنّ هذه الجملة ناظرة إلى جمیع الحجّاج وتقول: لا یحقّ لأحد التقصیر (حلق الرأس والخروج من الإحرام) إلاّ أن یذبح هدیه فی محلّه (ذبح الهدی فی الحجّ یکون فی منى وفی العمرة یکون فی مکّة).

 

وعلى کلّ حال، فالمراد من بلوغ الهدی محلّه هو أن یصل الهدی إلى محل الذبح فیُذبح، وهذا التعبیر کنایة عن الذبح.

ومع الأخذ بنظر الاعتبار عمومیّة التعبیر الوارد فی الآیة الشریفة فالتفسیر الثانی یکون أنسب ظاهراً بحیث یشمل المحصور وغیر المحصور.

4ـ ثمّ تقول الآیة (فمن کان منکم مریضاً أو به أذىً من رأسه ففدیةٌ من صیام أو صدقة أو نسک).

(نُسُک) فی الأصل جمع (نسیکة) بمعنى حیوان مذبوح، وهذه المفردة جاءت بمعنى العبادة أیض(7) ولهذا یقول الراغب فی المفردات بعد أن فسّر النُسُک بالعبادة: هذا الاصطلاح یأتی فی أعمال الحجّ و(نسیکة) بمعنى (ذبیحة).

ویرى بعض المفسّرین أیضاً أنّ الأصل فی هذه الکلمة هو سبائک الفضّة، وقیل للعبادة (نُسُک) بسبب أنّها تطهّر الإنسان وتخلّصه من الشوائب(8).

وعلى أیّ حال فإنّ ظاهر الآیة أنّ مثل هذا الشخص مخیّراً بین ثلاث اُمور (الصوم والصدقة أو ذبح شاة). والوارد فی روایات أهل البیت(علیهم السلام) أنّ الصوم فی هذا المورد یجب أن یکون ثلاثة أیّام والصّدقة على ستّة مساکین، وفی روایة اُخرى على عشرة مساکین، وکلمة (نُسُک) تعنی شاة(9).

5ـ ثمّ تضیف الآیة (فإذا آمنتم فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ فما استیسر من الهدی) وهذه إشارة إلى أنّه یجب الذبح فی حجّ التمتّع ویکون المکلّف فی هذا الحجّ قد أتى بالعمرة قبله، ولا فرق فی هذا الهدی بین أن یکون من الابل أو من البقر أو من الضّأن دون أن یخرج من الإحرام.

وحول الأصل فی کلمة (الهدی) فهناک قولان حسب ما أورده المرحوم الطبرسی: الأوّل أنّه مأخوذ من (الهدیة) وبما أنّ الأضحیة هی فی الواقع هدیّة إلى بیت الله الحرام فقد اطلق علیها هذه الکلمة، والآخر أنّها من مادّة (الهدایة) لأنّ الحیوان المقرّر للذّبح یؤتى به مع الحاج إلى بیت الله الحرام، أو یکون هدایته إلى بیت الله.

 

ولکنّ ظاهر کلام الراغب فی المفردات أنّه مأخوذ من الهدیّة فقط فیقول: (هَدْی) جمع ومفرده (هدیّة).

وقد أورد فی معجم مقاییس اللغة أنّ لهذه الکلمة أصلان: الهدایة والهدیّة، ولکنّ لا یبعد أن تعود کلیهما إلى الهدایة، لأنّ الهدیّة تعنی الشیء الّذی یهدى إلى الشخص الآخر، أی یساق إلیه هدیّة (فتأمّل بدّقة).

6ـ ثمّ إنّ الآیة تبیّن حکم الأشخاص غیر القادرین على ذبح الهدی فی حجّ التمتع فتقول: (فمن لم یجد فصیام ثلاثة أیّام فی الحجّ وسبعة إذا رجعتم تلک عشرة کاملة).

فعلى هذا فلو لم یجد الإنسان أضحیةً أو أنّ وضعه المالی لا یطیق ذلک فیجب علیه جبران ذلک بصیام عشرة أیّام، یصوم ثلاثة أیّام منها (یوم السابع والثامن والتاسع من ذی الحجّة) فی أیّام الحجّ ـ وهذه هی من الأیّام التی یجوز فیها الصوم فی السفر ـ ویأتی بصیام سبعة أیّام بعد ذلک حین العودة إلى الوطن.

واضح أن مجموع ثلاثة أیّام فی الحج وسبعة بعدالرجوع یساوی عشرة، لکنّ القرآن عاد فأکّد بأنّها عشرة کاملة.

بعض المفسّرین قال فی تفسیر هذه الجملة أن الواو تأتی للجمع وتأتی أحیاناً للتخییر بمعنى (أو)، ومن أجل رفع توهّم التخییر أکّدت الآیة على رقم عشرة، ویُحتمل أیضاً أنّ التعبیر بکلمة (کاملة) إشارة إلى أنّ صوم الأیّام العشرة یحلّ محل الهدی بشکل کامل، ولهذا ینبغی للحجاج أن یطمأنّوا لذلک وأنّ جمیع ما یترتّب على الأضحیة من ثواب وبرکة سوف یکون من نصیبهم أیضاً.

وقال بعضهم: إنّ هذا التعبیر إشارة إلى نکتة لطیفة فی العدد (عشرة) لأنّه من جانب أکمل الأعداد، لأنّ الأعداد تتصاعد من واحد إلى عشرة بشکل تکاملی، ثمّ بعد ذلک تترتّب من عشرة وأحد الأعداد الاُخرى لتکون أحد عشر وإثنى(10) عشر... حتى تصل إلى عشرین أی ضعف العدد عشرة ثمّ ثلاثین وهکذا.

7ـ ثمّ إنّ الآیة الشریفة تتعرّض إلى بیان حکم آخر وتقول (ذلک لمن لم یکن أهله حاضری المسجد الحرام) فعلى هذا لا یکون لأهل مکّة أو الساکنین فی أطرافها حجّ التمتّع، لأنّه یختصّ بالمسلمین خارج هذه المنطقة، فالمشهور بین الفقهاء أنّ کلّ شخص یبعد عن مکّة 48 میلاً فإنّ وظیفته حجّ التمتّع، وأمّا إذا کان دون هذه المسافة فوظیفته حجّ القِران أو الإفراد والّذی تکون عمرته بعد الإتیان بمراسم الحجّ (وتفصیل هذا الموضوع وبیان مراتبه مذکور فی الکتب الفقهیّة).

وبعد بیان هذه الأحکام السبعة تأمر الآیة فی ختامها بالتقوى وتقول (واتّقوا الله وأعلموا أنّ الله شدید العقاب) ولعلّ هذا التأکید یعود إلى أنّ الحجّ عبادة إسلامیّة هامّة ولا ینبغی للمسلمین التّساهل فی أداء مناسکه وأنّ ذلک سیؤدّی إلى اضرار کثیرة، وأحیاناً یسبّب فساد الحجّ وزوال برکاته المهمّة.


1.تفسیر المیزان، ج 2، ص 75، ذیل الآیة مورد البحث; ومستدرک الوسائل، ج 8، ص 85، ح 9118 ـ 6.
2. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 1، ص 277.
3. ذکر احتمالان فی تفسیر الآیة، أحدهما أن «ما» فی (ما استیسر) مبتدأ، وخبرها محذوف بتقدیر (علیکم) فتکون الجملة: (فعلیکم ما استیسر من الهدی) والثانی أن «ما» مفعول لفعل مقدّر تقدیره : (فاهدوا ما استیسر من الهدی).
4. لمزید الایضاح راجع، تفسیر جامع البیان، ج 2، ص 120; وتفاسیر أخرى، ذیل الآیة مورد البحث.
5. المصدر السابق.
6. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
7. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 290.
8. التفسیر الکبیر، ج 5، ص 152.
9. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 291 (ومثل هذا المعنى ورد فی تفسیر القرطبی عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) حول الصوم وإطعام المسکین، ذیل الآیة مورد البحث).
10. «عشرون» و«عشرین» وإن کان على شکل الجمع، ولکن یطلق الجمع أحیاناً على الاثنین وما علا.

 

 

سورة البقرة / الآیة 196 1ـ أهمیّة الحجّ بین الواجبات الإسلامیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma