المقصود من «الظلم» فی التعبیر القرآنی: (لا ینال عهدی الظَّالمین) لا یقتصر على ظلم الآخرین، بل الظلم (مقابل العدل)، وقد استعمل هنا بالمعنى الواسع للکلمة، ویقع فی النقطة المقابلة للعدل: وهو وضع الشیء فی محله.
فالظلم إذن وضع الشخص أو العمل أو الشیء فی غیر مکانه المناسب.
ولما کانت منزلة الإمامة والقیادة الظاهریة والباطنیة للبشریة منزلة ذات مسؤولیات جسیمة هائلة عظیمة، فإنّ لحظة من الذنب والمعصیة خلال العمر تسبب سلب لیاقة هذه المنزلة عن الشخص.
لذلک نرى أئمّة آل البیت(علیهم السلام) یثبتون بهذه الآیة تعیّن الخلافة بعد النبی مباشرة لعلی(علیه السلام)وإنحصارها به، مشیرین إلى أنّ الآخرین عبدوا الأصنام فی الجاهلیة، وعلیّ(علیه السلام) وحده لم یسجد لصنم. وأیّ ظلم أکبر من عبادة الأصنام؟!(1) ألم یقل لقمان لابنه: (یا بنیَّ لا تشرک بالله إنَّ الشِّرک لظلمٌ عظیمٌ)(2)؟!
من هذه الاستدلالات ما رواه هشام بن سالم عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(علیه السلام)قال: «قَدْ کَانَ إبْرَاهِیمُ نَبِیّاً وَلَیْسَ بِإمَام، حَتِّى قَالَ اللهُ: (إنّی جاعلک للنَّاس إماماً قال ومن ذرِّیَّتی فقال الله لا ینال عهدی الظَّالمین)، مَنْ عَبَدَ صَنَماً أَوْ وَثَناً لاَ یَکُونُ إمَاماً»(3).
وفی حدیث آخر عن عبد الله بن مسعود عن النبی(صلى الله علیه وآله): «إنَّ اللهَ قَالَ لإبْرَاهِیمَ: لاَ أَعْطِیَکَ عَهْداً لِلظَّالِمِ مِنْ ذُرِّیَّتِکَ، قَالَ: یَا رَبِّ وَمَنِ الظَّالِمُ مِنْ وَلِدی الَّذِی لا یَنَالُ عَهْدَکَ؟ قَالَ: مَنْ سَجَدَ لِصَنَم مِنْ دُونِی لاَ أَجْعَلُهُ إمَاماً أَبَداً، وَلاَ یَصْلَحُ أن یکون إمَاماً»(4).