الخاسرون الحقیقیون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 27 1ـ أهمّیة صلة الرحم فی الإسلام

هذه الآیة الکریمة توضح مواصفات الفاسقین بعد أن تحدثت الآیة السابقة عن ضلال هذه الفئة، وتذکر لهم ثلاث صفات:

إنّهم (ینقضون عهد الله من بعد میثاقه ).

هؤلاء لهم مع الله عهود ومواثیق، مثل عهد التوحید، وعهد الرّبوبیة، وعهد عدم اتّباع الشیطان وهوى النفس. لکنهم نقضوا کل هذه العهود، وتمرّدوا على أوامر الله، واتّبعوا أهواءهم وما أراده الشیطان لهم.

طبیعة هذا العهد: یثار سؤال حول العهد المبرم بین الله والإنسان، فالعهد عقد ذو جانبین، وقد یقول قائل: متى أبرمت مع الله عهداً من العهود المَذکورة؟

الجواب على هذا السؤال یتضح لو عرفنا أنّ الله سبحانه أودع فی أعماق النفس الإنسانیة شعوراً خاصاً وقوى خاصّة یستطیع بها أن یهتدی إلى الطریق الصحیح، ویتجنب مزالق الشیطان وأهواء النفس، ویستجیب لداعی الله.

هذه القوى الفطریة یعبّر عنها القرآن بالعهد الإلهی، وهو فی الحقیقة «عهد تکوینی» لا تشریعی أو قانونی. یقول تعالى: (ألم أعهد إلیکم یابنی آدم أن لا تعبدوا الشَّیطان إنَّه لکم عدوٌّ مبینٌ * وأن اعبدونی هذا صراطٌ مستقیمٌ )؟! (1) .

وواضح أنّ الآیة تشیر إلى فطرة التوحید العبودیة والمیل إلى الإتجاه نحو التکامل فی النفس الإنسانیة.

الدلیل الآخر على هذا الإتجاه فی فهم العهد الإلهی ما جاء فی أول خطب نهج البلاغة عن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام): حیث قال: «فَبَعَثَ فِیهِمْ رُسُلَهُ وَوَاتَرَ إلَیْهِمْ أَنْبِیَاءَهُ، لِیَسْتَأْدُوهُمْ مِیثَاقَ فِطْرَتِهِ». (2)

بتعبیر آخر: کل موهبة یمنحها الله للإنسان یصحبها عهد طبیعی بین الله والإنسان، موهبة العین یصحبها عهد یفرض على الإنسان أى یرى الحقائق، وموهبة الاُذن تنطوی على عهد مدوّن فی ذات الخلقة یفرض الاستماع إلى نداء الحق... وبهذا یکون الإنسان قد نقض العهد متى ما غفل عن استثمار القوى الفطریة المودعة فی نفسه، أو استخدم الطاقات الموهوبة له فی مسیر منحرف.

الفاسقون: ینقضون بعض هذه العهود الفطریة الإلهیّة، أو جمیعها.

الصفة الاُخرى لهؤلاء الفاسقین هی أنهم (... یقطعون ما أمر الله به أن یوصل... ).

أکثر المفسرین ذهبوا إلى أنّ القطع المذکور فی الآیة یعنی قطع الرحم، لکن مفهوم الآیة ـ فی نظرة أعمق ـ أعم من ذلک، وما قطع الرحم إلاّ أحد مصادیقها، لأنّ الآیة تتحدث عن قطع الفاسقین لِکلّ إرتباط أمر الله به أن یوصل، بما فی ذلک رابطة الرحم، رابطة الصداقة، والروابط الاجتماعیة، والرابطة بهداة البشریة إلى الله، والإرتباط بالله. ولا دلیل على حصر الآیة برابطة الرحم.

بعض المفسرین ذهبوا إلى أنّ الآیة تشیر إلى قطع الإرتباط بالأنبیاء والمؤمنین، وبعضهم فسّرها بالإرتباط بأئمّة أهل البیت (علیهم السلام) (3) ، وواضح أنّ هذه التفاسیر تبیّن جزءً من المفهوم الکلی للآیة.

علامة الفاسقین الثالثة هی الفساد: (... ویفسدون فی الأرض ).

ومن الواضح أن یکون هؤلاء مفسدین، لأنّهم نسوا الله وعصوه، وخلت نفوسهم من کل عاطفة إنسانیة حتى تجاه أرحامهم، هؤلاء لایتحرکون إلاّ على خط مصالحهم وأهدافهم الذاتیة الدنیّة، ولا یهمّهم على هذا الطریق أن یعیثوا فی الأرض فساداً، ویرتکبوا کل لون من ألوان الانحراف.

وتؤکد الآیة فی الخاتمة أن (اولئک هم الخاسرون ).

وأی خسران أکبر من تبدید کل القوى المادیة والمعنویة المودعة فی الإنسان الرّامیّة لإسعاده، وإهدارها على طریق الشقاوة والتعاسة والانحراف؟! نعم، هؤلاء الفاسقون الذین خرجوا عن خط إطاعة الله لیس لهم مصیر سوى الخسران.


1. یس، 60 و61.
2. نهج البلاغة، الخطبة 1.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 45، لمزید من التوضیح فی هذا المجال راجع إلى تفسیرنا هذا، ذیل الآیة 21 من سورة الرعد.
 

 

سورة البقرة / الآیة 27 1ـ أهمّیة صلة الرحم فی الإسلام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma