ینتقل القرآن إلى فصل آخر من موضوع عظمة الإنسان، ویقول: (وإذ قلنا للملائکة اسجدوا لاِدم فسجدوا إلاَّ إبلیس أبى واستکبر وکان مِن الکافِرین ).
یبدو للوهلة الاُولى أنّ مسألة السجود لآدم جاءت بعد تجربة الملائکة المذکورة فی الآیات السابقة وبعد تعلیم الأسماء، ولکن لو أمعنّا النظر فی آیات القرآن الکریم لألفینا أنّ موضوع السجود جاء بعد اکتمال خلقة الإنسان مباشرة، وقبل امتحان الملائکة.
یقول تعالى: (فإذا سوَّیته ونفخت فیه من روحی فقعوا له ساجدین )، (1) السجود إذن جاء مباشرة بعد نفخ الروح فی الإنسان، وهذا المعنى جاء فی الآیة 72 من سورة ص (2) .
ثمّة دلیل آخر على هذه المسألة هو أنّ استجابة الملائکة لأمر الله بالسجود، لو کانت بعد اتضاح مکانة آدم، لما اعتبرت مفخرة للملائکة.
على أی حال، الآیة المذکورة تقریر قرآنی واضح صریح لشرف الإنسان وعظمة مکانته، فکل الملائکة یؤمرون بالسجود له بعد اکتمال خلقته.
حقاً، إنّ هذا الموجود، اللائق لخلافة الله على الأرض، والمؤهل لهذا الشوط الکبیر من التکامل وتربیة أبناء عظام کالأنبیاء وخاصّة النبی الخاتم (صلى الله علیه وآله)، یستحق کل احترام.
نحن نشعر بالتعظیم والتکریم لمن حوى بعض العلوم وعلم شیئاً من القوانین والمعادلات العلمیة، فکیف حال الانسان الأوّل مع کل تلک العلوم والمعارف الزاخرة عن عالم الوجود؟!