یثار أحیاناً سؤال عن سبب خلق هذا الموجود المضل المغوی، وفی الجواب نقول:
أوّلا: لم یخلق الله الشیطان، شیطاناً، والدلیل على ذلک وجوده بین ملائکة الله وعلى الفطرة الطاهرة، لکنه بعد تحرره أساء التصرف، وعزم على الطغیان والتمرّد، إنّه إذن خلق طاهراً، وسلک طریق الانحراف مختاراً.
ثانیاً: وجود الشیطان لا یسبب ضرراً للأفراد المؤمنین، ولطلاب طریق الحق، فی منظار نظام الخلیقة، بل إنّه وسیلة لتقدمهم وتکاملهم، إذ إن التطوّر والتقدّم یتم من خلال صراع الأضداد.
بعبارة أوضح: قوى الإنسان وطاقاته الکامنة لا تتأهب ولا تتفجر إلاّ حینما یواجه الإنسان عدواً قویاً، هذا العدوٌ یؤدّی إلى تحریک طاقات الإنسان وبالتالی إلى تقدّمه وتکامله.
الفیلسوف المعاصر «توینبی» یقول: «لم تظهر فی العالم حضارة راقیة إلاّ بعد تعرّض شعب من الشعوب إلى هجوم خارجی قوی، وهذا الهجوم یؤدّی إلى تفجیر النبوغ والکفاءات، لصنع مثل هذه الحضارة».