أحکام النساء فی العادة الشهریّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سبب النّزول1ـ الحکم الإسلامی العادل فی مسألة الحیض

فی الآیة الاُولى نلاحظ سؤال آخر عن العادة الشهریّة للنّساء، فتقول الآیة: (ویسألونک عن المحیض قل هو أذىً) وتضیف بلا فاصلة (فاعتزلوا النساء فی المحیض ولا تقربوهنّ حتى یطهرن...).

(المحیض) مصدر میمی ویعنی العادة الشهریّة للنساء، وجاء فی معجم مقاییس اللّغة أنّ أصل هذه المفردة تعنی خروج سائل أحمر من شجرة تُدعى «سَمُرة» (ثمّ استُعملت للعادة الشهریّة للنساء) ولکن ورد فی تفسیر «الفخر الرّازی» أنّ الحیض فی الأصل بمعنى السیل ولذلک یُقال للسّیل عند حدوثه (حاض السّیل) ویُقال للحوض هذه اللّفظة بسبب أنّ الماء یجری إلیه.

ولکن یُستفاد من کلمات الرّاغب فی المفردات عکس هذا المطلب وأنّ هذه المفردة فی الأصل تعنی دم الحیض (ثمّ استعملت فی المعانی الاُخرى).

فعلى کلّ حال فهذه العبارة تعنی دم الحیض الّذی عرّفه القرآن بأنّه أذىً، وفی الحقیقة أنّ هذه العبارة تُبیّن علّة اجتناب الجماع فی أیّام الحیض، فهو إضافة إلى ما فیه من اشمئزاز، ینطوی على أذى وضرر ثبت لدى الطبّ الحدیث، ومن ذلک احتمال تسبیب عقم الرجل والمرأة، وإیجاد محیط مناسب لتکاثر جراثیم الأمراض الجنسیة مثل السفلس والتهابات الأعضاء التناسلیة للرجل والمرأة، ودخول مواد الحیض الملیئة بمکروبات الجسم فی عضو الرجل، وغیر ذلک من الأضرار المذکورة فی کتب الطب، لذلک ینصح الأطباء باجتناب الجماع فی هذه الحالة.

خروج دم الحیض یعود إلى إحتقان الرحم وتسلّخ جداره، ومع هذا الإحتقان یحتقن المبیض أیضاً، ودم الحیض فی البدایة یکون متقطّعاً باهت اللون ثمّ یزداد ویحمرّ ویعود فی الأخیر إلى وضعه المتقطّع الباهت (1) .

الدم الخارج فی أیّام العادة الشهریة هو الدم الذی یتجمّع شهریاً فی العروق الداخلیة للرحم من أجل تقدیم الغذاء للجنین المحتمل، ذلک لأنّ مبیض المرأة یدفع کلّ شهر ببویضة إلى الرحم، وفی نفس الوقت تمتلىء عروق الرحم بالدم استعداداً لتغذیة الجنین فإن انعقد الجنین یستهلک الدم لتغذیته، وإلاّ یخرج بشکل دم حیض، من هنا نفهم جانباً آخر لحظر الجماع فی هذه الفترة التی یکون الرحم خلالها غیرمستعد استعداداً طبیعیاً لقبول نطفة الرجل، حیث یواجه أذى من جراء ذلک.

جملة (یَطْهُرْنَ) بمعنى طهارة النساء من دم الحیض کما ذهب إلیه کثیر من المفسّرین، وأمّا جملة (فإذا تطهَّرن) فقد ذهب الکثیر منهم على أنّها تعنی الغُسل من الحیض، فعلى هذا الأساس وطبقاً للجملة الاُولى تکون المقاربة الجنسیّة بعد انتهاء دم الحیض جائزة حتى لولم تغتسل، وأمّا الجملة الثانیّة فتعنی أنّها ما لم تغتسل فلا یجوز مقاربته (2) .

وعلى هذا فالآیة لا تخلو من إبهام، ولکن مع الإلتفات إلى أنّ الجملة الثانیة تفسیر للجملة الاُولى ونتیجة لها (ولهذا اُعطفت بفاء التفریع) فالظاهر أنّ (تَطَهَّرْنَ) أیضاً بمعنى الطهارة من دم الحیض، وبذلک تجوز المقاربة الجنسیّة بمجرّد الطّهارة من العادة الشهریّة، وهذا هو ما ذهب إلیه الفقهاء العظام فی الفقه وأفتوا بحلیّة المقاربة الجنسیّة بعد الطهارة من الحیض حتى قبل الغسل، ولکن لا شکّ فی أنّ الأفضل أن تکون بعد الغسل.

الفقرة الثانیة من الآیة تقول: (فأتوهنّ من حیث أمرکم الله) أی أن یکون الجماع من حیث أمر الله، وقد تکون هذه الفقرة تأکیداً لما قبلها، أی آتوا نساءکم فی حالة النقاء والطّهر فقط لا فی غیر هذه الحالة، وقد یکون مفهومها أوسع بخصوص أنّ الجماع بعد الطّهر یجب أن یکون فی إطار أوامر الله أیضاً.

هذا الأمر الإلهی من الممکن أن یشمل الأمر التکوینی والأمر التشریعی معاً، فالله سبحانه أودع فی الرّجل والمرأة الغریزة الجنسیّة لبقاء نوع الإنسان، وهذه الغریزة تدفع الإنسان للحصول على اللّذة الجنسیّة، لکنّ هذه اللّذة مقدّمة لبقاء النوع فقط، ومن هنا لایجوز الحصول علیها بطرق منحرفة مثل الإستمناء واللّواط وأمثالهما، لأنّ هذا الطریق نوع من الانحراف عن الأمر التکوینی.

وکذلک یمکن أن یکون المراد هو الأمر التشریعی، یعنی أنّ الزوجة بعد طهارتها من العادة الشهریّة ینبغی علیها مراعاة جهات الحلال والحرام فی الحکم الشرعی.

وذهب البعض إلى أنّ مفهوم هذه الجملة هو حرمة المقاربة الجنسیّة مع الزّوجة عن غیر الطریق الطبیعی، ولکن مع الإلتفات إلى أنّ الآیات السابقة لم تتحدّث عن هذا الأمر یکون هذا التفسیر غیر مناسب للسّیاق (3) .

الآیة الثانیة إشارة لطیفة إلى الغایة النهائیّة من العملیّة الجنسیّة فتقول: (نساءکم حرث لکم فأتوا حرثکم أنّى شئتم).

فی هذه الآیة الکریمة شبّهت النساء بالمزرعة، وقد یثقل هذا التشبیه على بعض، ویتساءل لماذا شبّه الله نصف النوع البشری بهذا الشکل؟

ولو أمعنا النظر فی قوله سبحانه لوجدنا فیه إشارة رائعة لبیان ضرورة وجود المرأة فی المجتمع الإنسانی، فالمرأة بموجب هذا التعبیر لیست وسیلة لإطفاء الشهوة، بل وسیلة لحفظ حیاة النوع البشری.

«الحرث» مصدر یدلّ على عمل الزراعة، وقد یدلّ على مکان الزراعة «المزرعة» و«أنّى» من أسماء الشرط، وتکون غالباً زمانیة، وقد تکون مکانیة کما جاء فی قوله سبحانه: (یا مریم أنّى لک هذا قالت هو من عند الله) (4) .

یستفاد من الآیة الکریمة ـ على افتراض زمانیة أنّى ـ الرخصة فی زمان الجماع، أی جوازه فی کلّ ساعات اللیل والنهار، وعلى افتراض مکانیة أنّى یستفاد من الآیة الرخصة فی مکان الجماع ومحلّه وکیفیته.

(وقدّموا لأنفسکم).

هذا الأمر القرآنی یشیر إلى أنّ الهدف النهائی من الجماع لیس هو الاستمتاع باللذة الجنسیة، فالمؤمنون یجب أن یستثمروه على طریق تربیة أبناء صالحین، وأن یقدّموا هذه الخدمة التربویة المقدّسة ذخیرة لاُخراهم، وبذلک یؤکّد القرآن على رعایة الدقّة فی انتخاب الزوجة کی تکون ثمرة الزواج إنجاب أبناء صالحین وتقدیم هذه الذخیرة الاجتماعیة الإنسانیة الکبرى.

 

وفی حدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: صدقة جاریة، وعلم ینتفع به، وولد صالح یدعو له» (5).

وجاء فی الحدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام): «لیس یتبع الرجل بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال.: صدقة أجراها فی حیاته فهی تجری بعد موته وسنّة هدىً سنّها فهی تُعمل بها بعد موته وولد صالح یستغفر له» (6).

ووردت بهذه المضمون روایات عدیدة أیضاً، وقد جاء فی بعضها ستّة موارد أوّلها الولد الصالح (7) .

وعلى هذا الأساس یأتی الولد الصالح من حیث الأهمیّة إلى جانب الخدمات العلمیّة وتألیف الکتب المفیدة وتأسیس المراکز الخیریّة کالمسجد والمستشفى والمکتبة وأمثال ذلک.

وفی ختام هذه الآیة تأمر بالتقوى وتقول: (واتّقوا الله واعلموا أنکم ملاقوه وبشّر المؤمنین).

لمّا کانت المقاربة الجنسیّة تعتبر من المسائل المهمّة ومن أشد الغرائز إلحاحاً على الإنسان، فإنّ الله تعالى یدعو فی هذه الآیة الإنسان إلى الدقّة فی أمر ممارسة هذه الغریزة والحذر من الانحراف، وتُنذر الجمیع بأنّهم ملاقوا ربّهم ولیس لهم طریق للنّجاة سوى الإیمان والتقوى.


1. مقتبس من إعجاز القرآن، ص 55 و56.
2. الجملة الثانیة مفهوم الشرط، والأول مفهوم الغایة.
3. تأتی کلمة «حیث» بعنوان اسم مکان واسم زمان، ولکن هنا تشیر إلى زمن جواز المقاربة الجنسیة أی زمن الطهر.
4. آل عمران، 37.
5. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 321; ومستدرک الوسائل، ج 12، ص 230.
6. بحار الأنوار، ج 6، ص 294، ح 4.
7. المصدر السابق، ص 293، ح 2. 
 
 
سبب النّزول1ـ الحکم الإسلامی العادل فی مسألة الحیض
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma