کان المشرکون فی الجاهلیة یأتون مکّة لأداء مناسک الحج، وکانت هذه المناسک ذات أصل إبراهیمی مع کثیر من التحریف والخرافات والشرک، فکانت المناسک عبارة عن الوقوف بعرفات والاضحیة والطّواف والسّعی بین الصفا والمروة. ولکن بشکل خاص بالجاهلیین.
وجاء الإسلام وأصلح هذه المناسک، وطهّرها مما علق بها من تحریف، وأقرّ ما کان صحیحاً منها ومن جملتها السعی بین الصفا والمروة.
واستناداً إلى روایات المؤرخین من الشّیعة وأهل السنّة أنّ المشرکین کانوا یسعون بین الصفا والمروة، وقد وضعوا على الصفا صنماً اسمه «أساف»، وعلى المروة صنماً آخر سمّوه «نائلة» وکانوا یتمسحون بهما لدى السعی،(1) من هنا خال المسلمون أنّ السعی بین الصفا والمروة عمل غیر صحیح، وکرهوا أن یفعلوا ذلک، الآیة المذکورة نزلت لتعلن أنّ الصفا والمروة من شعائر الله، وتلویثها بالشرک على ید الجاهلیین لا یبرر إعراض المسلمین عن السعی بینهما.
واختلف المفسرون فی وقت نزول الآیة، منهم من قال إنّها نزلت فی (عمرة القضاء) فی السنة السابعة للهجرة، وکان من شروط النبی(صلى الله علیه وآله) مع المشرکین فی هذه السفرة رفع الصنمین من الصفا والمروة، وقد عملوا بهذا الشرط، لکنهم أعادوهما إلى محلهما، وهذا أدّى إلى کراهة المسلمین والسعی بین الصفا والمروة، فنزلت الآیة لتنهاهم عن هذه الکراهة.(2)
وقیل إنّها نزلت فی حجة الوداع فی السنة العاشرة للهجرة. ومن المؤکد أنّ مکّة کانت فی هذه السنة خالیة من الأصنام، ومن هنا یلزمنا أن نعتبر کراهة المسلمین السعی بین الصفا والمروة بسبب السوابق التاریخیة لهذین المکانین حیث انتصب فیهما «أساف ونائلة».