نعمةُ الحیاة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 28 ـ 29 1ـ التناسخ أو عودة الأرواح

القرآن فی الآیتین یلفت أنظار البشر إلى عظمة الخالق عن طریق ذکر بعض النعم الإلهیّة وبعض المظاهر المدهشة للخلقة، وبذلک یکمل الأدلة التی أوردها فی الآیتین 21 و22 من هذه السّورة حول معرفة الله.

القرآن یبدأ فی أدلّته من نقطة لا تقبل الإنکار، ویرکز على مسألة (الحیاة) بکل ما فیها من تعقید وغموض، ویقول: (کیف تکفرون بالله وکنتم أمواتاً فأحیاکم ).

وفی هذه العبارة تذکیر للإنسان بما کان علیه قبل الحیاة... لقد کان میتاً تماماً مثل الأحجار والأخشاب ولم یکن فیه أی أثر للحیاة، لکنه الآن یتمتع بنعمة الحیاة، وبنعمة الشعور والإدراک.

من الذی منح الإنسان نعمة الحیاة؟ هل أنّ الکائن البشری هو الذی منح نفسه الحیاة؟! کل إنسان منصف لا یتردد أن یجیب: أنّ هذه الحیاة موهوبة للإنسان من لدن عالم قادر... عالم برموز الحیاة وقوانینها المعقّدة... وقادر على تنظیمها، إذن کیف یکفر هذا الإنسان بمن أحیاه بعد موته؟!

أجمعت العلماء الیوم أنّ مسألة الحیاة أعقد مسألة فی عالمنا هذا، لأن لغز الحیاة لم ینحل حتى الیوم على الرغم من کل ما حققه البشر من تقدّم هائل فی حقل العلم والمعرفة. قد یستطیع العلم فی المستقبل أن یکتشف بعض أسرار الحیاة... لکن السؤال یبقى قائماً بحاله:

کیف یکفر الإنسان بالله وینسب هذه الحیاة بتعقیداتها وغموضها وأسرارها إلى صنع الطبیعة العمیاء الصّماء الفاقدة لکل شعور وإدراک؟!

من هنا نقول إن ظاهرة الحیاة فی عالم الطبیعة أعظم سند لإثبات وجود الله تعالى. والقرآن یرکّز فی الآیة المذکورة على هذه المسألة بالذات، وهی مسألة تحتاج إلى مزید من الدراسة والتعمق، لکننا نکتفی هنا بهذه الإشارة.

بعد التذکیر بهذه النعمة، تؤکد الآیة على دلیل واضح آخر وهو «الموت» (ثم یمیتکم ).

ظاهرة «الموت» یراها الإنسان فی حیاته الیومیة، من خلال وفاة من یعرفهم ومن لا یعرفهم، وهذه الظاهرة تبعث أیضاً على التفکیر، من الذی قبض أرواحهم؟ ألا یدلّ سلبُ الحیاة منهم على أنّ هناک من منحهم هذه الحیاة؟

نعم... إنّ خالق الحیاة هو خالق الموت أیضاً، وإلى ذلک تشیر الآیة الکریمة: (الَّذی خلق الموت والحیوة لیبلوکم أیکم أحسن عملا ) (1) .

بعد أن ذکرت الآیة هذین الدلیلین الواضحین على وجود الله، تناولت المعاد والحیاة بعد الموت: (ثمَّ یحییکم ).

ویأتی ذکر المعاد فی سیاق هذه الآیة لیبیّن أن مسألة الحیاة بعد الموت (المعاد) مسألة طبیعیة جدّاً لا تختلف عن مسألة إحیاء الإنسان فی هذه الدنیا بل إنّها أیسر من الخلق الأوّل (مع أنّ السهل والصعب لیس لها مفهوم بالنسبة للقادر المطلق). وهل بمقدور إنسان أن ینکر إمکان المعاد وهو یرى أنه خلق من عناصر میّتة؟!

وهکذا، وبعبارة موجزة رائعة یفتح القرآن أمام الإنسان سجلّ حیاته منذ ولادته وحتى بعثه.

وفی نهایة الآیة یقول تعالى: (ثمَّ إلیه ترجعون ). والمقصود بالرجوع هو الرجوع إلى نعم الله تعالى یوم القیامة، والرجوع غیر البعث. والقرآن یفصل بین الإثنین کما فی قوله تعالى: (والموتى یبعثهم الله ثمَّ إلیه یرجعون ) (2) .

قد یکون الرجوع فی الآیة الکریمة إشارة إلى معنى أدقّ، هو أنّ جمیع الموجودات تبدأ مسیرة تکاملها من نقطة العدم التی هی نقطة «الصفر» وتواصل السیر نحو «اللانهایة» التی هی ذات الله سبحانه وتعالى، من هنا فإنّ هذه المسیرة لا تتوقف لدى الموت، بل تستمر فی الحیاة الاُخرى على مستوى أسمى.

بعد ذکر نعمة الحیاة والإشارة إلى مسألة المبدأ والمعاد، تشیر الآیة إلى واحدة اُخرى من النعمّ الإلهیّة السابقة وتقول: (هو الَّذی خلق لکم ما فی الأرض جمیعاً ).

وبهذا تعیّن الآیة قیمة الإنسان فی هذه الأرض، وسیادته على ما فیها من موجودات، ومنها نستطیع أن نفهم المهمّة العظیمة الثقلیة الموکولة إلى هذا المخلوق فی ساحة الوجود.

وفی القرآن آیات اُخرى تؤکّد على مکانة الإنسان السامیة، وتوضّح أنّ هذا الکائن هو الهدف النهائی من خلق کل موجودات الکون.

(وسخَّر لکم ما فی السَّماوات وما فی الأرض ) (3)

وثمّة آیات اُخرى تحدثت عن هذا المفهوم بالتفصیل کقوله تعالى (4) .

(وسخَّر لکم الفلک... ) (5) .

(وسخَّر لکم الأنهار ) (6) .

(وسخَّر لکم اللَّیل والنَّهار ) (7) .

(سخَّر لکم البحر... ) (8) .

(وسخَّر لکم الشَّمس والقمر... ) (9) .

وتعود الآیة إلى ذکر أدلة التوحید وتقول: (ثمَّ استوى إلى السَّماء فسوَّاهنَّ سبع سماوات وهو بکلِّ شیء علیمٌ ).

الفعل «استوى» من «الإستواء» وهو التسلط والإحاطة الکاملة والقدرة على الخلق والتدبیر، وکلمة «ثم» فی الآیة لا تعنی لزاماً التأخیر الزمانی، بل تعنی أیضاً التأخیر فی البیان وتوالی فی ذکر الحقائق.


1. الملک، 2.
2. الأنعام، 36.
3. الجاثیة، 13.
4. هناک دراسة أوفی لهذا المفهوم فی تفسیرنا هذا، ذیل الآیة 2 من سورة الرعد، وذیل الآیتین 32 و33 من سورة إبراهیم.
5. إبراهیم، 32.
6. إبراهیم، 32.
7. إبراهیم، 33.
8. الجاثیة، 12.
9. إبراهیم، 33.

 

سورة البقرة / الآیة 28 ـ 29 1ـ التناسخ أو عودة الأرواح
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma