ذکر بعض المفسرین سببین لنزول الآیة الاُولى من هذه الآیات محل البحث:
الاوّل: إنّ هذه الآیة هی أوّل آیة نزلت فی جهاد أعداء الإسلامِ وبعد نزول هذه الآیة شرع رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی قتالهم إلاّ الکفّار الّذین لم یکونوا فی حرب مع المسلمین، واستمرّ هذا الحال حتى نزل الأمر (اقتلوا المشرکین) الّذی أجاز جهاد وقتال جمیع المشرکین(1).
الثانی: من أسباب النزول ما ورد عن ابن عباس أنّ هذه الآیة نزلت فی صلح الحدیبیّة، وذلک أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) لمّا خرج هو وأصحابه فی العام الذی أرادوا فیه العمرة، وکانوا ألفاً وأربعمائة، فساروا حتى نزلوا الحدیبیّة فصدّهم المشرکون عن البیت الحرام، فنحروا الهدی بالحدیبیّة، ثمَّ صالحهم المشرکون على أن یرجع النّبی من عامه ویعود العام المقبل، ویخلوا له مکّة ثلاثة أیّام، فیطوف بالبیت ویفعل ما یشاء، فرجع إلى المدینة من فوره، فلمّا کان العام المقبل تجهّز النبیّ(صلى الله علیه وآله) وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفی لهم قریش بذلک وأن یصدّوهم عن البیت الحرام ویقاتلوهم، وکره رسول الله قتالهم فی الشهر الحرام فی الحرم، فأنزل الله هذه الآیة لتبیح للمسلمین القتال إن بدأهم المشرکون به(2).
والظاهر أنّ شأن النزول الأوّل یناسب الآیة الاُولى، والثانی یناسب الآیات التالیة،وعلى أیة حال فإنّ مفهوم الآیات یدلّ على أنّها نزلت جمیعاً بفاصلة قصیرة.