یتعرّض القرآن الکریم فی آیات عدیدة إلى الإنفاق والبذل فی سبیل الله، وحثّ المسلمین بطرق عدیدة على الإنفاق والأخذ بید الضعفاء، وهذه الآیة تتناول مسألة الإنفاق من جانب آخر، فثمّة سائل عن نوع المال الذی ینفقه، ولذلک جاء تعبیر الآیة بهذا الشکل (یسألونک ماذا ینفقون).
وفی الجواب بیّنت الآیة نوع الإنفاق، ثمّ تطرّقت أیضاً إلى الأشخاص المستحقّین للنفقة، وسبب نزول الآیة کما مرّ یبیّن أنّ السؤال اتّجه إلى معرفة نوع الإنفاق ومستحقّیه.
بشأن المسألة الاُولى: ذکرت الآیة کلمة «خیر» لتبیّن بشکل جامع شامل ما ینبغی أن ینفقه الإنسان، وهو کلّ عمل ورأسمال وموضوع یشتمل على الخیر والفائدة للناس، وبذلک یشمل کلّ رأسمال مادّی ومعنوی مفید.
وبالنسبة للمسألة الثانیة: ـ أی موارد الإنفاق ـ فتذکر الآیة أولاً الأقربین وتخصّ الوالدین بالذکر، ثم الیتامى ثم المساکین، ثم أبناء السبیل، ومن الواضح أنّ الإنفاق للأقربین ـ إضافة إلى ما یترکه من آثار تترتّب على کلّ إنفاق ـ یوطّد عرى القرابة بین الأفراد.
(وما تفعلوا من خیر فإنّ الله به علیم).
لعلّ فی هذه العبارة من الآیة إشارة إلى أنّه یحسن بالمنفقین أن لا یصرّوا على اطّلاع الناس على أعمالهم، ومن الأفضل أن یسرّوا انفاقهم تأکیداً لإخلاصهم فی العمل، لأنّ الذی یجازی على الاحسان علیم بکلّ شیء، ولا یضیع عنده سبحانه عمل عامل من البشر.