المبادیء الأولیّة للإقتصاد الإسلامی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 188 وباء الرشوة

هذه الآیة الکریمة تشیر إلى أحد الاُصول المهمّة والکلیّة للاقتصاد الإسلامی الحاکمة على مجمل المسائل الاقتصادیّة، بل یمکن القول إنّ جمیع أبواب الفقه الإسلامی فی دائرة الاقتصاد تدخل تحت هذه القاعدة، ولذا نلاحظ أنّ الفقهاء العظام تمسّکوا بهذه الآیة فی مواضع کثیرة فی الفقه الإسلامی وهو قوله تعالى (ولا تاکلوا أموالکم بینکم بالباطل).

أمّا المراد من «الباطل» فی هذه الآیة الشریفة فقد ذکر له عدّة تفاسیر، ذهب أحدها إلى أنّ معناه الأموال التی یستولی علیها الإنسان عن طریق الغصب والعدوان، وذهب آخرون أنّ المراد هو الأموال التی یحصل علیها الشّخص من القمار وأمثاله.

ویرى ثالث أنّها إشارة إلى الأموال التی یکتسبها الشخص بواسطة القَسَم الکاذب (وأشکال الحیل فی المعاملات والعقود التّجاریّة).

ولکنّ الظاهر أنّ مفهوم الآیة عام یستوعب جمیع ما ذکرنا من المعانی للباطل لأنّ الباطل یعنی الزّائل وهو شامل لما ذکر من المعانی، فما ورد فی بعض الرّوایات ـ کما ورد عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّ معناه (القسم الکاذب)(1) أو ما ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی تفسیره بـ (القمار)(2) فهو فی الواقع من قبیل المصادیق الواضحة له.

 

فعلى هذا یکون کلّ تصرّف فی أموال الآخرین من غیر الطریق المشروع مشمولاً لهذا النهی الإلهی، وکذلک فإنّ جمیع المعاملات التی لا تتضمّن هدفاً سلیماً ولا ترتکز على أساس عقلائی فهی مشمولة لهذه الآیة.

ونفس هذا المضمون ورد فی سورة النساء الآیة 29 مع توضیح أکثر حیث تخاطب المؤمنین (یا أیُّها الَّذین آمنوا لاَ تَاکلوا أَموالَکم بَینکم بالباطل إلاّ أن تکونَ تجارةً عَن تراض منکم).

إنّ استثناء التّجارة المقترنة مع التراضی هو فی الواقع بیان لمصداق بارز للمعاملات المشروعة والمبّاحة، فلا تنفی الهبة والمیراث والهدیّة والوصیّة وأمثالها، لأنّها تحققّت عن طریق مشروع عقلائی.

والملفت للنظر أنّ بعض المفسّرین قالوا: إنّ جعل هذه الآیة مورد البحث بعد آیات الصوم آیات 182 ـ 187 علامة على وجود نوع من الإرتباط بینهما، فهناک نهیٌ عن الأکل والشرب من أجل أداء عبادة إلهیّة، وهنا نهیٌ عن أکل أموال الناس بالباطل الّذی یعتبر أیضاً نوع من الصوم وریاضة للنفوس، فهما فی الواقع فرعان لأصل التقوى. تلک التقوى التی وردت فی الآیة بعنوان الهدف النّهائی للصوم(3).

ولابدّ من ذکر هذه الحقیقة وهی أنّ التعبیر بـ (الأکل) یُعطی معنىً واسعاً حیث یشمل کلّ أنواع التصرّفات ، أی أنّه تعبیر کنائی عن أنواع التصرّفات، و(الأکل) هو أحد المصادیق البارزة له.

ثمّ یشیر فی ذیل الآیة إلى نموذج بارز لأکل المال بالباطل والّذی یتصوّر بعض الناس أنّه حقّ وصحیح لأنّهم أخذوه بحکم الحاکم فیقول: (وتدلوا بها إلى الحکّام لتاکلوا فریقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)(4).

(تدلوا) من مادّة (إدلاء)، وهی فی الأصل بمعنى إنزال الدلو فی البئر لإخراج الماء، وهو تعبیر جمیل للموارد التی یقوم الإنسان فیها بتسبیب الأسباب لنیل بعض الأهداف الخاصّة.

وهناک احتمالان فی تفسیر هذه الجملة:

الأول: هو أن یکون المراد أن یقوم الإنسان بإعطاء قسماً من ماله إلى القضاة على شکل هدیّة أو رشوة (وکلیهما هنا بمعنىً واحد) لیتملّک البقیّة، فالقرآن یقول: إنّکم بالرّغم من حصولکم على المال بحکم الحاکم أو القاضی ظاهراً، ولکنّ هذا العمل یعنی أکلٌ للمال بالباطل، وهو حرام.

الثّانی: أن یکون المراد أنّکم لا ینبغی أن تتحاکموا إلى القضاة فی المسائل المالیّة بهدف وغرض غیر سلیم، کأن یقوم أحد الأشخاص بإیداع أمانة أو مال لیتیم لدى شخص آخر من دون شاهد، وعندما یطالبه بالمال یقوم ذلک الشخص بشکایته لدى القاضی، وبما أنّ المودع یفتقد إلى الشاهد فسوف یحکم القاضی لصالح الطرف الآخر، فهذا العمل حرام أیضاً وأکلٌ للمال بالباطل.

ولا مانع من أن یکون لمفهوم الآیة هذه معنىً واسعاً یشمل کلا المعنیین فی جملة (لا تدلوا)، بالرغم من أنّ کلّ واحد من المفسرین ارتضى أحد هذین الاحتمالین.

والملفت للنظر أنّه ورد حدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) یقول: «إنّما أنا بشر وإنّما یأتینی الخصم فلعلّ بعضکم أن یکون ألحن بحجّته من بعض فأقضی له فإن قضیت له بحق مُسلّم فإنّما هی قطعة من نار فلیحملها أو لیذرها»(5) أی لا تتصوروا أنّه من أمواله ویحل له أکله لأنّ رسول الله حکم له بهذا المال، بل هی قطعة من نار.


1.تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 176، ح 615.
2. وسائل الشیعة، ج 17، ص 164 و167، ح 22267.
3. اقتباس من تفسیر فی ظلال القرآن، ج 1، ص 252.
4. جمله «تدلوا» عطف على «تأکلوا»، فعلى هذا یکون مفهومها «لا تدلوا».
5. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 1، ص 252; وتفسیر ابن کثیر، ج 1، ص 231.

 

سورة البقرة / الآیة 188 وباء الرشوة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma