الإنسان خلیفة الله فی الأرض

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 30 ـ 33 الملائکة فی بودقة الإختبار

الآیات السابقة ذکرت أن الله سبحانه خلق ما فی الأرض جمیعاً للإنسان، وفی هذه الآیات تقریر صریح لخلافة الإنسان وقیادته، وتوضیح لمکانته المعنویة التی استحق بها کل هذه المواهب.

فی هذه الآیات عرض لخلقة آدم (أبوالبشر)، وفی الآیات 30 إلى 39 ترکیز على ثلاث مسائل أساسیة هی:

إخبار الله ملائکته بشأن خلافة الإنسان فی الأرض، وما دار فی المشهد من حوار.

أمر الله تعالى ملائکته بإکرام وتعظیم الإنسان الأول، وهذا ما نجده فی مواضع عدیدة من القرآن الکریم بمناسبات مختلفة.

شرح وضع آدم وحیاته فی الجنّة، والحوادث التی أدّت إلى خروجه من الفردوس، ثم توبة آدم، وحیاته هو وذریّته فی الأرض.

الآیات المذکورة تتحدث عن المرحلة الاُولى، حین شاء الله أن یخلق على ظهر الأرض موجوداً، یکون فیها خلیفته، ویحمل أشعة من صفاته، وتسمو مکانته على مکانة الملائکة، وشاء سبحانه أن تکون الأرض ونعمها وما فیها من کنوز ومعادن وإمکانات تحت تصرف هذا الإنسان.

مثل هذا الموجود بحاجة إلى قسط وافر من العقل والشعور والإدراک والکفاءة الخاصّة، کی یستطیع أن یتولى قیادة الموجودات الأرضیة.

بهذه المناسبة تقول الآیة الاُولى: (وإذ قال ربُّک للملائکة إنّی جاعلٌ فی الأرض خلیفةً )، والخلیفة هو النائب عن الغیر، أمّا هذا الغیر الذی ینوب الإنسان عنه فاختلفت فیه أقوال المفسرین... .

منهم من قال إنه خلیفة الملائکة الذین کانوا یسکنون من قبل على ظهر الأرض، ومنهم من قال إنه خلیفة بشر آخرین أو موجودات اُخرى کانت تعیش قبل ذلک على الأرض.

وذهب بعضهم إلى أنّ الخلیفة إشارة إلى أنّ کل جیل من البشر یخلف الجیل السابق.

والحق أنّ المقصود بالخلیفة هو خلیفة الله ونائبه على ظهر الأرض، کما ذهب إلى ذلک کثیر من المحققین. لأنّ سؤال الملائکة بشأن هذا الموجود الذی قد یفسد فی الأرض ویسفک الدماء یتناسب مع هذا المعنى، لأنّ نیابة الله فی الأرض لا تتناسب مع الفساد وسفک الدماء.

مسألة «تعلیم الأسماء» لآدم التی سیأتی شرحها، وهکذا سجود الملائکة لآدم من أدلة ما ذهبنا إلیه فی تفسیر معنى الخلیفة.

الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (علیه السلام) یشیر أیضاً إلى هذا المعنى فی تفسیر هذه الآیات إذ یقول: «إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَّمَ آدَمَ أَسْمَاءَ حُجَجِهِ کُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ وَهُمْ أرْواحٌ عَلَى الْمَلاَئِکَةِ فَقَالَ أَنْبِؤُنِی بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ بِأَنَّکُمْ أَحَقُّ بِالْخِلاَفَةِ فِی الأَرْضِ لِتَسبِیحِکُمْ وَتَقْدیسِکُمْ مِنْ آدَمَ فَقَالُوا سُبْحَانَکَ لاَ عِلْمَ لَنَا إلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إنَّکَ أَنْتَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ قَالَ اللهُ تَبَارَکَ وَتَعَالى یَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَئَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَقَفُوا عَلَى عَظِیمِ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَ اللهِ عَزَّ ذِکْرُهُ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِأَنْ یَکُونوا خُلَفَاءَ اللهِ فی أرْضِهِ وَحُجَجَهِ عَلى بَرِیَّتِهِ ثُمَّ غَیَّبَهُمْ عَنْ أَبْصَارِهِمْ وَاسْتَعْبَدَهُمْ بِوِلاَیَتِهِمْ وَمَحبَّتِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَکُمْ إنّی أَعْلَمُ غَیْبَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدونَ وَمَا کُنْتُمْ تَکْتُمُونَ» (1) .

ثم تذکر الآیة سؤال الملائکة الذی وجّهوه لربّ العالمین مستفسرین لا معترضین: (قالوا أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدِّماء ونحن نسبّح بحمدک ونقدِّس لک

الله سبحانه أجاب الملائکة جواباً مغلقاً اتضح فی المراحل التالیة: (قال إنّی أعلم ما لاتعلمون ).

الملائکة کانوا عالمین ـ کما یبدو من تساؤلهم ـ أنّ هذا الإنسان موجود یفسد فی الأرض ویسفک الدماء، فکیف عرفوا ذلک؟!

قیل إنّ الله سبحانه أوضح للملائکة من قبل على وجه الإجمال مستقبل الإنسان، وقیل إنّ الملائکة فهموا ذلک من خلال عبارة «فی الأرض»، لأنّهم علموا أنّ هذا الإنسان یخلق من التراب، والمادة لمحدودیتها هی حتماً مرکز للتنافس والنزاع، وهذا العالم المحدود المادی لا یستطیع أن یشبع طبیعة الحرص فی الإنسان. وهذه الدنیا لو وضعت بأجمعها فی فم الإنسان فقد لا تشبعه، وهذا الوضع ـ إن لم یقترن بالالتزام والشعور بالمسؤولیة ـ یؤدّی إلى الفساد وسفک الدماء.

بعض المفسرین ذهب إلى أنّ تنبؤ الملائکة یعود إلى تجربتهم السابقة مع مخلوقات سبقت آدم، وهذه المخلوقات تنازعت وسفکت الدماء وخلفت فی الملائکة انطباعاً مرّاً عن موجودات الارض.

هذه التفاسیر الثلاثة لا تتعارض مع بعضها، وقد یکون موقف الملائکة من استخلاف آدم ناشئاً عن هذه الأسباب الثلاثة معاً.

الملائکة بیّنوا حقیقة من الحقائق، ولذلک لم ینکر الله علیهم قولهم، بل أشار إلى أنّ ثمّة حقائق اُخرى إلى جانب هذه الحقیقة، حقائق ترتبط بمکانة الإنسان فی الوجود; وهذا ما لم تعرفه الملائکة.

الملائکة یعلمون أنّ الهدف من الخلقة هو العبودیة والطاعة، وکانوا یرون فی أنفسهم مصداقاً کاملا لذلک، فهم فی العبادة غارقون. ولذلک فهم ـ أکثر من غیرهم ـ للخلافة لائقون، غیر عالمین أن بین عبادة الإنسان الملیء بألوان الشهوات، والمحاط بأشکال الوساوس الشیطانیة والمغریات الدنیویة وبین عبادتهم، ـ وهم خالون من کل هذه المؤثرات ـ بون شاسع. فأین عبادة هذا الموجود الغارق وسط الأمواج العاتیة، من عبادة تلک الموجودات التی تعیش على ساحل آمن؟!

ماذا تعرف الملائکة من ابناء آدم أمثال محمّد (صلى الله علیه وآله) وابراهیم ونوح وموسى وعیسى والأئمّة من أهل البیت (علیهم السلام) وعباد الله الصالحین والشهداء والمضحّون من الرجال والنساء الذین قدّموا وجودهم على مذبح العشق الإلهی، والذین تساوی ساعة من تفکّرهم سنوات متمادیة من عبادة الملائکة؟

الجدیر بالذکر، إن الملائکة رکنوا فی بیان فضلهم إلى ثلاثة اُمور: التسبیح والحمد، والتقدیس، أمّا التسبیح والحمد فمعناهما واضح. وهو تنزیه الله عزّ وجلّ من کل نقص والاعتراف له بکل کمال وجمال، أمّا ما هو معنى التقدیس؟ البعض یرى أنّه عبارة عن تنزیه الله عزّوجلّ عن کل نقص. وهو معنى التسبیح المتقدم، ولکن آخرین ذهبوا إلى أنّ التقدیس من مادة «قدس» أی تطهیر الأرض من الفاسدین والمفسدین، أو تطهیر النفس من کل رذیلة، أو تطهیر الجسم والروح للّه، والشاهد على ذلک کلمة «لک»، فی جملة «نقدس لک» لأنّ الملائکة لم یقولوا «نقدسک» بل «نقدس لک»، أی نطهر المجتمع والارض لک.

وفی الحقیقة أنّ مرادهم هو القول بأنّ الهدف إذا کان هو الطاعة والعبودیة فنحن على أتمّ الإستعداد، ولو کان هو العبادة فنحن فی هذه الحالة دائماً، وإذا کان المقصود هو تطهیر النفس أو تطهیر الارض فسوف ننفذ هذا الأمر، فی حین أن الانسان المادی مضافاً إلى فساده فإنّه یفسد الأرض.

ومن أجل أن تتضح الحقیقة للملائکة أقدم الله سبحانه على هذه التجربة لیعلموا الفرق الشاسع بینهم وبین آدم (علیه السلام).


1. نقلاً عن معانی الأخبار، تفسیر المیزان، ج 1، ص 120. وهذا الحدیث وإن کان یوضح أکثر مکانة الأنبیاء والأئمّة ـ لا ینحصر بهذه الصفوة المقدّسة بل إنّهم المصداق الأتم والأکمل لهذا الموضوع.

 

سورة البقرة / الآیة 30 ـ 33 الملائکة فی بودقة الإختبار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma