القرآن الکریم تحدث فی ثلاثین موضعاً عن مسألة «الشفاعة» (بهذا اللفظ)، وهناک إشارات اُخرى إلى هذه المسألة دون ذکر لفظها.
یمکن تقسیم آیات الشفاعة فی القرآن إلى المجموعات التالیة.
المجموعة الاُولى: آیات ترفض الشفاعة بشکل مطلق کقوله تعالى: (انفقوا ممَّا رزقناکم من قبل أن یأتی یومٌ لا بیعٌ فیه ولا خلَّةٌ ولا شفاعةٌ ) (1) ، وکقوله تعالى: (ولا یقبل منها شفاعةٌ ) (2) .
هذه الآیات رفضت کل الطرق المتصورة لانقاذ المجرمین غیر الإیمان والعمل الصالح، سواء کان طریق دفع العوض المادی، أو طریق الصداقة والخلة، أو طریق الشفاعة.
ویقول تعالى بشأن بعض المجرمین: (فما تنفعهم شفاعة الشَّافعین ) (3) .
المجموعة الثانیة: آیات تحصر الشفاعة بالله تعالى، کقوله سبحانه: (ما لکم من دونه من ولیٍّ ولا شفیع ) (4) و (قل لله الشَّفاعة جمیعاً ) (5) .
المجموعة الثالثة: آیات تجعل الشفاعة متوقفة على إذن الله تعالى کقوله: (من ذا الَّذی یشفع عنده إلاَّ بإذنه ) (6) ، وقوله (ولا تنفع الشَّفاعة عنده إلاَّ لمن أذن له ). (7)
المجموعة الرابعة: آیات تبین شروطاً خاصّة للمشفوع له. هذه الشروط تتمثل أحیاناً فی رضا لله سبحانه: (ولا یشفعون إلاَّ لمن ارتضى ) (8) .
وإستناداً إلى هذه الآیة، شفاعة الشفعاء تشمل فقط اُولئک الذین بلغوا مرتبة «الإرتضاء» أی القبول لدى الله سبحانه وتعالى.
ویتمثل الشرط أحیاناً بالعهد عند الله: (لا یملکون الشَّفاعة إلاَّ من اتَّخذ عند الرَّحمن عهداً ) (9) ، والمقصود من هذا العهد الإیمان بالله ورسوله.
ویتحدث القرآن عن سلب صلاحیة الإستشفاع عن بعض الأفراد مثل المجرمین، کقوله تعالى: (ما للظَّالمین من حمیم ولا شفیع یطاع ) (10) .
ممّا تقدم یتضح أن اتخاذ العهد الإلهی، والوصول إلى منزلة نیل رضا الله، واجتناب بعض الذنوب مثل الظلم، شروط حتمیة للشفاعة.
1. البقرة، 254.
2. البقرة، 48.
3. المدثر، 48.
4. السجدة، 4.
5. الزمر، 44.
6. البقرة، 255.
7. سبأ، 23.
8. الأنبیاء، 28.
9. مریم، 87.
10. غافر، 18.
