التضحیّة الکبرى فی دولة الهجرة التاریخیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سبب النّزولسورة البقرة / الآیة 208 ـ 209

بالرّغم من أنّ الآیة محل البحث تتعلّق کما ورد فی سبب النزول بحادثة هجرة النّبی(صلى الله علیه وآله)وتضحیة الإمام علی ومبیته على فراش النّبی، ولکنّ مفهومها ومحتواها الکلّی ـ کما فی سائر الآیات القرآنیة ـ عامٌّ وشامل، وفی الحقیقة أنّها تقع فی النقطة المقابلة للآیات السابقة التی تتحدّث عن المنافقین.

تقول الآیة(ومن النّاس من یشری نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد).

الطائفة السّابقة التی تحدّثنا عنها هی مجموعة من الأشخاص المعنادین والمغرورین والأنانیّین الّذین یحاولون أن یحقّقوا لهم بین المجتمع عزّة وکرامة عن طریق النفاق ویتظاهرون بالإیمان بأقوالهم بینما أعمالهم لیس فیها سوى الإفساد فی الأرض وإهلاک الحرث والنسل.

أما هذه الطائفة الثّانیة فتعاملهم مع الله وحده حیث یقدّمون أرواحهم رخیصة فی سبیله، ولا یبتغون سوى رضاه، ولا یطلبون عزّة ورفعة الإّ بالله، وبتضحیات هؤلاء یصلح أمر الدّین والدنیا ویستقیم شأن الحقّ والحقیقة وتصفو حیاة الإنسان وتثمر شجرة الإسلام.

ومن هنا یتّضح أنّ جملة (والله رؤوف بالعباد) بمثابة النقطة المقابلة لما ورد فی الآیة السابقة عن المنافقین المفسدین فی الأرض (فحسبه جهنَّم ولبئس المهاد)(1) وقد تکون إشارة إلى أن الله عزّوجلّ فی الوقت الّذی هو رحیم ورؤوف بالعباد هو الّذی یشری الأنفس بأغلى الأثمان وهو رضوان الله تعالى عن الإنسان.

وممّا یستلفت النظر أنّ البائع هو الإنسان، والمُشتری هو الله تعالى، والبضاعة هی النفس، وثمنها هو رضوان الله تعالى، فی حین نرى فی موارد اُخرى أنّ ثمن مثل هذه المعاملات هو الجنّة الخالدة والنجاة من النار، من قبیل قوله تعالى (إنّ الله اشترى من المؤمنین أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة یقاتلون فی سبیل الله فیقتلون ویقتلون) (2) .

ولعلّه لهذا السبب کانت (مِن) فی الآیة مورد البحث تبعیضیة (ومن الناس)، یعنی أنّ بعض الناس یستطیعون أن یقوموا بمثل هذه الأعمال الخارقة بحیث لا یطلبون عوضاً عن أرواحهم وأنفسهم سوى رضوان الله تعالى، وأمّا فی الآیة 111 من سورة التوبة التی ذکرناها سابقاً رأینا أنّ جمیع المؤمنین قد دُعوا إلى التعامل والتجارة مع الله تعالى فی مقابل الجنّة الخالدة.

ویُحتمل أیضاً فی تفسیر جملة (والله رؤوف بالعباد) وتناسبها مع بدایة هذه الآیة أنّ المراد هو بیان هذه الحقیقة أنّ وجود مثل هؤلاء الأفراد بین الناس لطف من الله سبحانه ورأفة بعباده، إذ لو لم یکن بین الناس مثل هؤلاء الأفراد المضحّین المتفانین مقابل تلک العناصر الخبیثة لانهدمت أرکان الدّین والمجتمع، لکنّ الله سبحانه بفضله ومنّه یدفع بهؤلاء الصّدیقین الأولیاء خطر اُولئک الأعداء.

فعلى أیّ حال، فهذه الآیة ومع الإلتفات إلى سبب النزول المذکور آنفاً تُعدُّ أعظم الفضائل للإمام علی(علیه السلام) الواردة فی اکثر المصادر الإسلامیة، وکانت فی صدر الإسلام من الوضوح بین المسلمین بحیث دعت معاویة العدو اللّدود للإمام علی(علیه السلام) أن یُرشی (سمرة بن جندب) بأربعمائة ألف درهم کی یروی حدیثاً مختلقاً ینسب فیه فضیلة هذه الآیة إلى عبدالرحمن ابن ملجم، وقد اختلق هذا المنافق الجانی هذه الفریة، ولکنّ أحداً لم یقبل منه حدیثه المجعول (3) .


1. البقرة، 206.
2. التوبة، 111.
3. نقل قصّة هذه المعاملة «ابن أبی الحدید» فی شرح «نهج البلاغة» ج 4، ص 73.

 

سبب النّزولسورة البقرة / الآیة 208 ـ 209
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma