التنوع هو ـ دون شک ـ من متطلبات البشر، وحبّ التنویع خصلة طبیعیة فی البشر. والإنسان ـ إن استمرّ على تناول طعام معین لمدّة طویلة ـ یمل ذلک الطعام. فلم إذن توجه اللوم والتقریع إلى بنی إسرائیل حین طلبوا الخضروات والخیار والثوم والعدس والبصل لیتخلصوا من الطعام الواحد؟!
الجواب یتضح لو علمنا أنّ الحیاة الإنسانیة تقوم على أساس حقائق هامّة لا یمکن التخلّی عنها، هی الإیمان والطهر والتقوى والتحرّر، وقد تمرّ الجماعة البشریة بمرحلة یتعارض فیها هذا الأساس الهام مع متطلبات الإنسان من الطعام والشراب واللذائذ الاُخرى، وهنا تصبح الجماعة أمام خیارین، إمّا أن تنغمس فی اللذات وتترک قیمها وشرفها، أو تضحی بلذّاتها من أجل إنسانیتها وکرامتها.
بنو إسرائیل کانو یعیشون أمام هذین الخیارین.
ولابدّ من الإشارة إلى أنّ حقیقة حبّ التنویع استغلها الطامعون والمستعمرون دوماً، لیدفعوا الشعوب إلى هاویة حیاة استهلاکیة شهوانیة هابطة، یعیش الأفراد فیها بین المعلف والمضجع، ناسین شخصیتهم الإنسانیة، وغافلین عن النیر الذی یطوّق أعناقهم.