یحتل الحدیث عن الیهود قسماً هاماً من سورة البقرة، التی هی أوّل سورة نزلت فی المدینة کما صرح بذلک بعض العلماء، لأنّ الیهود کانوا أشهر مجموعة من أهل الکتاب فی المدینة، وکانوا قبل ظهور النبی (صلى الله علیه وآله) ینتظرون رسولا بشّرت به کتبهم الدینیّة، کما أنّهم کانوا یتمتعون بمکانة اقتصادیة مرموقة، ولذلک کله کان للیهود نفوذ عمیق فی المدینة.
ولمّا ظهر الإسلام، باعتباره الرسالة التی تقف بوجه مصالحهم اللامشروعة وانحرافاتهم وَغَطْرَسَتِهِمْ، فمضافاً إلى عدم إیمانهم به وقفوا بوجه الدعوة، وبدأوا یحوکون ضدها المؤامرات التی لا زالت مستمرة بعد أربعة عشر قرناً من البعثة النبویة المبارکة.
الآیة المذکورة وآیات تالیة أنحت باللائمة الشدیدة على الیهود، وهزّت عواطفهم بذکر مقاطع حساسة من تاریخهم، بحیث لو کان لأحدهم قلیل من الموضوعیة لاستیقظ واتجه نحو الإسلام، کما أنّ هذا السرد لتاریخ الیهود درس ملیء بالعبر للمسلمین.
وسنقف فی آیات تالیة بإذن الله عند بعض الدروس والمواقف من تاریخ الیهود، مثل نجاتهم من فرعون، وانفلاق البحر لهم، وغرق الفرعونیین، ومیعاد موسى فی جبل الطور، وعبادة بنی إسرائیل للعجل فی غیاب موسى، والأمر بالتوبة وقتل النفس، ونزول النعم الخاصّة الإلهیّة، وأمثالها من الدروس.