الجواب على أربعة أسئلة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سبب النّزول1ـ الترابط بین الأحکام الأربعة

الآیة الاُولى تُجیب عن سؤالین حول الخمر والقمار (یسألونک عن الخمر والمیسر).

(الخمر) فی اللّغة بقول الرّاغب بمعنى الغطاء وکلّ ما یُخفی شیئاً وراءه هو (خمار) بالرّغم من أنّ الخِمار یُستعمل فی الاصطلاح لغطاء الرّأس بالنسبة للمرأة.

وفی معجم مقاییس اللّغة ورد أنّ الأصل فی کلمة (الخمر) هو الدلالة على التغطیة والاختلاط الخفی وقیل للخمر خمر، لأنّه سبب السکر الّذی یغطی على عقل الإنسان ویسلبه قدرة التمییز بین الحسن والقبیح.

أمّا فی الاصطلاح الشرعی فیأتی (الخمر) بمعنى کلّ سائل مسکر، سواء اُخذ من العنب أو الزبیب أو التمر أو شیء آخر، بالرّغم من أنّ الوارد فی اللّغة أسماء مختلفة لکلّ واحد من أنواع المشروبات الکحولیّة.

(المیسر) من مادّة (الیُسر) وإنّما سمّی بذلک لأنّ المُقامر یستهدف الحصول على ثروة بیُسر ودون عناء.

ثمّ تقول الآیة فی الجواب: (قل فیهما إثم کبیر ومنافع للنّاس وإثمهما اکبر من نفعهم).

ومع الإلتفات إلى أنّ المجتمع الجاهلی کان غارقاً فی الخمر والقمار، ولذلک جاء الحکم بتحریمهما بشکل تدریجی وعلى مراحل، کما نرى من اللّین والمداراة والاُسلوب الهادیء فی لحن الآیة إنّما هو بسبب ما ذکرناه.

فی هذه الآیة وردت مقایسة بین منافع الخمر والمیسر وأضرارهما وأثبتت أنّ ضررهما وإثمهما أکثر من المنافع، ولاشکّ أنّ هناک منافع مادیّة للخمر والقمار أحیاناً یحصل علیها الفرد عن طریق بیع الخمر أو مزاولة القمار، أی تلک المنفعة الخیالیّة التی تحصل من السکر وتخدیر العقل والغفلة عن الهموم والغموم والأحزان، إلاّ أنّ هذه المنافع ضئیلة جدّاً بالنسبة إلى الأضرار الأخلاقیّة والاجتماعیّة والصحیّة الکثیرة المترتّبة على هذین الفعلین.

وبناءً على ذلک، فکلّ إنسان عاقل لا یقدم على الإضرار بنفسه کثیراً من أجل نفع ضئیل.

(الإثم) کما ورد فی معجم مقاییس اللّغة أنّه فی الأصل بمعنى البُطىء والتأخّر، وبما أنّ الذنوب تُؤخّر الإنسان عن نیل الدّرجات والخیرات، ولذلک اُطلقت هذه الکلمة علیها، بل

أنّه ورد فی بعض الآیات القرآنیة هذا المعنى بالذّات من کلمة الإثم مثل ( وإذا قیل له اتّق الله أخذته العزّة بالإثم) (1) أی أنّ الغرور والمقامات الموهومة تؤخّره عن الوصول إلى التّقوى.

وعلى کلّ حال، فالمراد من الإثم هو کلّ عمل وشیء یُؤثّر تأثیراً سلبیّاً فی روح وعقل الإنسان ویُعیقه عن الوصول إلى الکمالات والخیرات، فعلى هذا یکون وجود (الإثم الکبیر) فی الخمر والقمار دلیل على التأثیر السلبی لهما فی وصول الإنسان إلى التقوى والکمالات المعنویّة والإنسانیّة التی سوف یأتی شرحها.

السؤال الثالث المذکور فی الآیة محلّ البحث هو السؤال عن الإنفاق فتقول الآیة: (ویسألونک ماذا ینفقون قل العفو).

ورد فی تفسیر «الدّر المنثور» فی شأن نزول هذه العبارة من الآیة عن ابن عبّاس أنّ المسلمین سألوا الرسول(صلى الله علیه وآله) عند نزول آیات الحثّ على الإنفاق: ماذا یُنفقون؟ أیُنفقون کلّ أموالهم أم بعضها؟ فنزلت الآیة لتأمر برعایة (العفو) (2) .

ولکن ما المراد من «العفو» فی الآیة؟

(العفو) فی الأصل ـ کما یقول الرّاغب فی المفردات ـ بمعنى القصد إلى أخذ شیء، أو بمعنى الشیء الّذی یُؤخذ بسهولة، وبما أنّ هذا المعنى واسع جدّاً ویُطلق على مصادیق مختلفة منها: المغفرة والصفح وإزالة الأثر، الحد الوسط بین شیئین، المقدار الإضافی لشیء، وأفضل جزء من الثروة، فالظاهر أنّ المعنى الأوّل والثانی لا یتناسب مع مفهوم الآیة، والمراد هو أحد المعانی الثلاثة المتأخّرة، یعنی رعایة الحد الوسط فی الإنفاق، أو إنفاق المقدار الزائد عن الحاجة، أو إنفاق القسم الجیّد للأموال وعدم بذل الحصّة الرخیصة والعدیمة النفع من المال.

وهذا المعنى وارد أیضاً فی الروایات الإسلامیّة فی تفسیر هذه الآیة، وقد ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: العفو الوسط (3) (أی أنّ المراد من العفو فی الآیة أعلاه هو الحد الوسط).

وورد فی تفسیر علی بن إبراهیم (لا إقتار ولا إسراف) (4) .

 

وفی مجمع البیان عن الإمام الباقر(علیه السلام) (العفو ما فضل عن قوت السّنة) (5) .

ویُحتمل أیضاً أن یکون العفو فی الآیة (وإن لم أجده فی کلمات المفسّرین) هو المعنى الأوّل، أی الصفح عن أخطاء الآخرین، وبذلک یکون معنى الآیة الکریمة: أنفقوا الصفح والمغفرة فهو أفضل الإنفاق.

ولایبعد هذا الاحتمال لو أخذنا بنظر الاعتبار أوضاع شبه جزیرة العربیّة عامّة وخاصّة مکّة والمدینة محل نزول القرآن من حیث هیمنة روح التنافر والعداء والحقد بین الناس، وخاصّة أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) هو النموذج الکامل لهذا المعنى، کما أعلن العفو العامّ عن مشرکی مکّة الّذین هم أشدّ الناس عداوة للإسلام والمسلمین، والجواب بهذا المعنى لا یتنافی مع سؤالهم بشأن الإنفاق المالی، لأنّهم قد یسألون عن موضوع کان ینبغی أن یسألوا عن أهم منه، والقرآن یستثمر فرصة سؤالهم المعبّر عن استعدادهم للسّماع والقبول لیجیبهم بما هو أهم وألزم، وهذا من شؤون الفصاحة والبلاغة حیث یترک سؤالهم لیتناول موضوعاً أهم، ولایوجد تعارض بین هذه التفاسیر، فیمکن أن تکون مرادة بأجمعها من مفهوم الآیة.

وأخیراً یقول تعالى فی ختام الآیة: (کذلک یبیّن الله لکم الآیات لعلکم تتفکّرون).

ویذکر بدون فصل فی الآیة التالیة المحور الأصلی للتفکّر ویقول: (فی الدنیا والآخرة).

أجل، یجب أن تکون جمیع نشاطات الإنسان المادیّة والمعنویة فی الحیاة مشفوعة بالفکر والتدبّر، ویتّضح من هذه العبارة أمران:

الأوّل: إنّ الإنسان إضافة إلى وجوب التسلیم أمام أوامر الله یجب أن یُطیع هذه الأوامر عن تفکّر وتعقّل لا عن اتّباع أعمى، وبعبارة اُخرى على الإنسان المؤمن أن یعی أسرار الأحکام وروحها لیس فقط فی مجال تحریم الخمر والقمار، بل فی جمیع المجالات ولو إجمالاً.

ولایعنی هذا الکلام أنّ إطاعة الأحکام الإلهیّة مشروطة بإدراک فلسفتها وحکمتها، بل المراد أنّ الإنسان یجب علیه بموازاة الطّاعة العملیّة أن یسعى إلى فهم أسرار وروح الأحکام الإلهیّة.

الثانی: أنّ على الإنسان أن لا یحصر تفکیره فی عالم المادّة وحده أو عالم المعنى وحده، بل علیه أن یفکّر فی الإثنین معاً، لأنّ الدنیا والآخرة مرتبطتان وکلّ خلل فی أحدهما یخلُّ بالآخر، وأساساً لا یُمکن أن یؤدّی أحدهما إلى رسم صورة صحیحة عن الواقعیّات فی هذا العالم، لأنّ کلاًّ منهما هو قسم من هذا العالم، فالدنیا هی القسم الأصغر والآخرة القسم الأعظم، فمن حصر فکره فی أحدهما فإنّه لا یمتلک تفکیراً سلیماً عن العالم.

ثمّ تذکر الآیة السؤال الرابع وجوابه وتقول: (ویسألونک عن الیتامى قل إصلاح لهم خیر وإن تخالطوهم فإخوانکم) (6) .

وعلى هذا الأساس فالقرآن یوصی المسلمین بعدم إهمال الیتامى، فإنّ الإعراض عن تحمّل مسؤولیتهم وترکهم وشأنهم أمرٌ مذموم، فالأفضل أن یتقبّلوا المسؤولیّة ویُصلحوا أمر الیتامى وإن اختلطت معیشتهم بمعیشتکم فعاملوهم معاملة الأخ لأخیه، فلا حرج فی إختلاط الأموال إذا کان الدافع هو الإصلاح.

ثمّ تضیف الآیة (والله یعلم المفسد من المصلح) أجل، إنّ الله مطلّع على نیّاتکم ویعلم من یقصد السوء بالاستفادة من أموال الیتامى لیحیف علیهم ومن هو مخلص لهم.

والفقرة الأخیرة من الآیة تؤکّد بأنّ الله تعالى قادر على أن یُضیّق ویشدّد علیکم برعایة الیتامى مع فصل أموالهم عن أموالکم، لکنّ الله لا یفعل ذلک أبداً، لأنّه عزیز وحکیم، ولا داعی لأن یُضیّق على عباده (ولو شاء الله لاََعنَتکم إنّ الله عزیز حکیم) (7) .


1. البقرة، 206.
2. تفسیر الدرّالمنثور، ج 1، ص 243 و253; وتفسیر القرطبی، ج 3، ص 36.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 210; وأصول الکافی، ج 4، ص 52، ح 3.
4. تفسیر على بن ابراهیم القمی، ج 1، ص 72; وتفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
5. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 316.
6. جملة شرطیة، فیها محذوف وتقدیره: (لابأس به) أو (فلکم ذلک).
7. «اعنتکم» من مادة «عنت» وفی الأصل بمعنى الوقوع فی أمر مخوف، وعلى قول مقاییس اللغة أنّه یعنی کلّ أمر شاق. وعبارة «فاخوانکم» بمثابة الدلیل على ذلک.
 

 

سبب النّزول1ـ الترابط بین الأحکام الأربعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma