المنافقون یشکّلون أخطر تجمع معارض، لا على الإسلام فحسب، بل على کلّ رسالة ثوریة تقدمیة، حیث ینفذون بین صفوف المسلمین، ویستغلّون کل فرصة للتآمر.
یتحدّث القرآن عن تآمر هؤلاء فی صدر الإسلام ویذکر نماذج من أعمالهم، یذکر مثلا استهانة هؤلاء بشخصیة المؤمنین، وبما یقدمه المؤمنون على قدر طاقتهم من صدقات فیقول: (الَّذین یلمزون المطَّوِّعین من المؤمنین فی الصَّدقات والَّذین لایجدون إلاّ جهدهم فیسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذابٌ ألیمٌ ) (1) .
ویتخذون أحیاناً فی اجتماعاتهم السریّة قرارات بشأن قطع مساعدتهم المالیة لأصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله)، کی یتفرقوا عن الرسالة والرّسول: (هم الَّذین یقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ینفضُّوا ولله خزائن السَّموات والأرض ولکنَّ المنافقین لا یفقهون ) (2) .
کما یتخذون القرارات بإخراج المؤمنین من المدینة بعد انتهاء الحرب والعودة إلى المدینة: (لئن رجعنا إلى المدینة لیخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ ) (3) .
وکانوا یتخلفون عن الجهاد بمبررات مختلفة من قبیل الانشغال بالحصاد مثلا، ویترکون الرّسول فی ساعات الشدّة. وهم مع ذلک خائفین من انفضاح أمرهم وانکشاف سرّهم.
بسبب هذه المواقف العدائیة التآمریة رکز القرآن على التندید بالمنافقین فی مواضع عدیدة، واحتوت سورة المنافقین عرضاً مفصّلا لوضعهم، کما تضمّنت سورة التوبة والحشر وسور اُخرى حملات شدیدة على المنافقین، وتحدثت ثلاث عشرة آیة من سورة البقرة عن صفاتهم وعواقب مکرهم.